الاتحاد الخليجي ورياح التغيير
لطالما أصابتنا الحيرة ونحن نبحث عن النموذج التحليلي المناسب لتفهم الأحداث في منطقة الخليج ورصد التطورات من خلال الظروف المختلفة التي تمر بها وتفاعلها مع الأحداث العالمية والإقليمية، وأخيراً مدى الاندماجية بينها وقابلية دخولها في مرحلة الاتحاد. وفي هذا السياق أذكر العديد من الأوراق البحثية التي تناولت موضوع الخليج، وأبرزها للباحث في الشؤون الدولية د. احتشامي، والذي يعود بالأحداث إلى عام 2009، ومواجهة المنطقة منحى جديدا في علاقاتها الإقليمية، ابتدأ مزاج التغيير مع خطاب أوباما الذي ألقاه في الرابع من يونيو في جامعة القاهرة موجها إلى العالم الإسلامي ومحفزا لترميم العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي أجمع، وفي الإطار الخليجي استمرار الدور القيادي للمملكة العربية السعودية في الإمساك بمبادرة السلام، وتبني مجموعة من الدول العربية الأخرى المراحل التنفيذية.
ويعتبر العديد من المحللين السياسيين السياسة الانتخابيةelectoral politics متغيرا مهماً، حيث لها أثر يبدو أنه عميق في المنطقة، مستشهدا بالانتخابات في الكويت وإيران ولبنان والتي لها أثر عميق في السياسات الداخلية لتلك الدول، ويستمر التغيير في السياسات الانتخابية حتى يومنا هذا. أما العامل الأمني فقد تأثر أيضا برياح التغيير واستدعى الدول للبحث عن ديناميكية جديدة، حيث برز دور قوة إقليمية مستقلة استطاعت أن تطور قدراتها في امتصاص الضغوط الخارجية، وهي إيران، والتي تراها الولايات المتحدة التحدي الأكبر في المنطقة ويراها أعضاء دول مجلس التعاون قضية تستدعي التضامن للتعامل معها، وهو الدافع الحالي لإصرار المملكة العربية السعودية على استضافة إيران للمشاركة في المؤتمر الإسلامي بمكة، وذلك لاحتوائها إقليميا وتجنيب المنطقة من الوقوع في الهاوية. ولن يختلف اثنان على أن مجلس التعاون بدأ "بفكرة" كويتية طرحها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، ثم تحولت إلى منظمة إقليمية في ظل التكتلات المنافسة، ولن نتجاهل أيضا أهمية الروابط الثقافية والتاريخية بين شعوب المنطقة، واليوم ترتفع الأصوات "الرسمية" منادية بتحول المجلس إلى اتحاد، وتتداولها المجالس التشريعية.ولم يخطئ البعض سواء كانوا من كتّاب المقالات أو حتى النواب في تخوفهم من تحول المجلس إلى اتحاد، لأن السبب يكمن في غياب المعلومة لعدم وجود جهاز إعلامي يتبع الأمانة العامة لتوضيح العملية الانتقالية من المجلس إلى الاتحاد، والسبب الآخر قد يكمن في إخفاق مجلس التعاون في اجتذاب المواطن الخليجي. فالمادة الرابعة حسب النظام الأساسي تعطي الأولوية للشؤون الاقتصادية والمالية, ومع ذلك فقد اختلفت الدول حول إنشاء البنك المركزي الخليجي ومشروع العملة الخليجية الموحدة، والأهم من ذلك كله أنها لم تحل مشكلة الشباب الخليجي والذي يشكو من البطالة، ومن العقبات المتزايدة أمام إنشاء الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وشح القروض الميسرة... فهل سيطبق الاتحاد الجزء الاقتصادي من النظام الأساسي؟ كلمة أخيرة:مأساة المشاركة في أولمبياد لندن هذا العام جسدت أزمة الرياضة الكويتية بوضوح، فالسباحة فيّ السلطان صنعت نجوميتها بنفسها واختارت الانضمام الرسمي لترفع اسم الكويت، والرامي الديحاني مهارته أعلى من تخبط الاتحاد في توفير بندقية صالحة للاستعمال. فهل نتعلم الدرس؟