هل تؤيد «الإدارية» اليوم حرمان نواب «الإيداعات المليونية» من الترشح لفقدهم «حسن السمعة» أم تسمح بترشحهم؟

نشر في 25-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 25-11-2012 | 00:01
القضاء سيبحث في مدى حجية حكم «الدستورية» بوضع شرط لم يرد بالقانون
تفصل المحكمة الإدارية اليوم برئاسة المستشار ناصر الأثري في الدعاوى المرفوعة من عدد من المرشحين والنواب السابقين، بعضهم سبق اتهامه في قضايا الإيداعات المليونية، ضد قرار اللجنة الوطنية العليا للانتخابات بعدم قبول ترشحهم.
في الوقت الذي أثار فيه قرار اللجنة الوطنية العليا للانتخابات الصادر يوم الأحد الماضي بعدم قبول ترشح 37 متقدما للانتخابات البرلمانية المقبلة، المزمع إجراؤها في الأول من ديسمبر المقبل ردود فعل واسعة، لكون اللجنة المكونة من 9 مستشارين استبعدت نوابا سابقين متهمين في قضية الإيداعات المليونية استنادا الى انتفاء شرط حسن السمعة بحقهم ومرشحين آخرين رغم حفظ النيابة العامة للبلاغات المقدمة منهم، ورأت اللجنة ان تطبيق شرط حسن السمعة على المرشحين لا يتطلب صدور حكم قضائي بل يكفي أن يكون اشتهر على المرشح قالة السوء.

وفي المقابل سارع المرشحون الذين انتهت اللجنة إلى عدم قبول طلبات ترشحهم إلى القضاء الإداري للطعن على قرارات اللجنة العليا لمخالفتها القانون، وحددت المحكمة الكلية ثلاث دوائر قضائية لنظرها تعقد اليوم إحداها في نظر أهم الدعاوى المقامة من بعض النواب الذين استبعدوا بسبب اتهامهم في قضية الإيداعات المليونية بينما تقضي المحكمة غدا في ثماني دعاوى أقامها ثمانية مرشحين ليحسم القضاء مدى سلامة شرط حسن السمعة بمن تم استبعادهم من الترشح، وللمحكمة الإدارية وقف قرار اللجنة الوطنية العليا للانتخابات إلى حين الفصل في الدعوى والسماح لمن تم استبعادهم بالترشح للانتخابات او لها الحكم برفض الدعاوى المرفوعة وهو ما يعني استمرار قرار اللجنة بعدم قبول الترشح للانتخابات المقبلة.

وبشأن ما استندت إليه اللجنة الوطنية للانتخابات من شرط حسن السمعة الذي قررته المحكمة الدستورية في الطعن رقم 8 لسنة 2008 يقول الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي إن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية لايمكنها إلا أن تمارس وفق ما نص عليه الدستور، واختصاصها بالتشريع يكون في اطار التشريع السلبي فقط، عندما تلغي القانون المخالف للدستور، لافتا إلى ان القضاء يحكم في المنازعات بإنزال حكم القانون على الوقائع ومن المنطقي ان يفسر القانون وصولا للقيام بمهمته، ولكن مبدأ الفصل بين السلطات يجعله يمتنع عن تشريع القواعد القانونية كما يمتنع على المشرع الحكم في المنازعات.

حق الانتخاب والترشح

ويضيف الفيلي ان الحق في الانتخاب والحق في الترشح هما من الحقوق الدستورية التي يتم تقييدها استثناء، والاستثناء لا يجوز استنتاجه وإنما يجب تقريره صراحة، كما أن من يقرر ذلك التقييد هو المشرع العادي وفق المادة 80 من الدستور، موضحا أن أي تقييد لحق الانتخاب والترشيح يحتاج إلى نص صريح ولا يكفي فيه الاستنتاج، وبالتالي يتعين لتقرير الحرمان من حق الانتخاب وبالتالي الترشح صدور حكم قضائي نهائي وفق الأوصاف التي يقررها قانون الانتخاب.

ويبين الفيلي قائلا: «عندما لا يستند الحرمان من حق الانتخاب على حكم قضائي نهائي تتوفر للمتهم فيه ضمانات المحاكمة العادلة فإننا بذلك نجرد المرشح من حق مكفول له دستوريا استنادا لاتهام لا يهدم قرينة البراءة واشتراط حسن السمعة بالنسبة لشغل الوظيفة العامة لا يقاس عليه لانه في الوظيفة العامة مقرر بنص صريح، كما ان التعيين في الوظيفة العامة يختلف في اسلوبه عن شغل المركز البرلماني .

ويوضح الفيلي «أن مثل هذا الاجتهاد المحترم الصادر من اللجنة الوطنية باستبعاد عدد من المرشحين وفق مبدأ وجوب توافر حسن السمعة الذي وضعته المحكمة الدستورية في الطعن رقم 8 لسنة 2008 سيؤدي إلى المواجهة مع النص الدستوري الوارد بالمادة 80 من الدستور الذي يقرر بان من يضع الشروط هو المشرع العادي».

ويقول الفيلي ان هذا الاجتهاد سيفتح بابا مغلقا وهو استبعاد كل ناخب مقيد بجداول الانتخاب استنادا لمبدأ وجوب توافر حسن السمعة لان الدستور يربط بين حق الترشح وحق الانتخاب، ولذلك فإن استبعاد المرشح لعدم توافر حسن السمعة سيفتح باب استبعاد الناخب لذات السبب، وهو ما سيجعل الانتخابات العامة عرضة للطعن لأن هناك ناخبين فيها أثروا على النتيجة ولا يتوافر بهم شرط حسن السمعة وفتح مثل هذا الباب لا يمثل مصلحة».

ويقول الفيلي انه يتعين النظر إلى أحكام القضاء الإداري في هذا الشأن، والتي انتهت في التعامل مع حالات سابقة الى تطبيق ما قرره المشرع لتقرير بطلان او عدم بطلان طلبات الترشح.

شروط الترشح

بدوره قال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. خليفة الحميدة انه على الرغم من ضرورة التأكيد على تحلي المرشح لعضوية مجلس الأمة بالأمانة والسمعة الطيبة والسيرة الحسنة إلا أن ما قررته اللجنة العليا للانتخاب ليثير أسئلة قانونية مختلفة لايمكن الإجابة عنها إلا من خلال صدور أحكام نهائية من القضاء الإداري تقرر سلامة ما انتهت إليه.

ويضيف الحميدة قائلا: «يفتح تبني اللجنة الوطنية العليا للانتخابات لحسن السمعة كشرط لقبول الترشح لانتخابات عضوية مجلس الأمة الباب لدراسة شروط الترشح لهذا المنصب، وبالرجوع إلى مجموع هذه الشروط يمكن القول ان تبني هذا الشرط الجديد يثير عددا من الأسئلة، وهي أن الدستور قيد تنظيم عمليات الترشح والانتخاب لمجلس الأمة بصدور قانون من مجلس الأمة. وبذلك يقتصر ما يلتزم به المرشح بالشروط الواردة في قانون الانتخابات، ولم يرد شرط السمعة الحسنة في هذا القانون.

ويقول الحميدة ان «المقرر دستوريا بأن يشترط في المرشح أن يكون كويتيا بصفة أصلية. وأن يكون عمره 30 سنة فأكثر، وأن يجيد اللغة العربية، وأن تتوافر فيه شروط الناخب. وبالرجوع إلى هذه الشروط فإنها تقتصر على أن يقيد في جداول الانتخاب كشرط أساسي وعدم الحكم عليه بجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو جناية ودون ذكر لشرط السمعة الحسنة.

ويؤكد الحميدة ان شرط حسن السمعة يتعارض مع عدد من المبادئ وهي أن شرط حسن السمعة يتعارض مع قرينة البراءة التي نص عليها الدستور من كون أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، كما يتعارض هذا الشرط مع مباديء العدالة وذلك لأنه إذا كان شرط حسن السمعة يمكن أن يحول دون قبول الترشح لعضوية مجلس الأمة فإن ذلك ينبغي ألا يكون على سبيل التأبيد. وطالما أن اللجنة لم تحدد إجراء معينا لرد الاعتبار فإن إزالة صفة سوء النية غير محدد الإجراء.

ويبين الحميدة أن اللجنة لم تبين كيف الوصول إلى إثبات شرط حسن السمعة للوصول إلى تحديد مدى تمتع المرشح بحسن السمعة وكيفية إثبات خلاف ذلك. ولاشك أن حرمان الشخص من حقه في الترشح ليقتضي أن ينص عليه صراحة قانونا، وبذلك يعتبر شرط حسن السمعة شرط مستحدث لم يرد بنص قانوني على خلاف الشروط الأخرى الواردة بالقانون.

 مفاهيم قانونية

من جانبه، يقول المستشار في إدارة الفتوى والتشريع جمال الجلاوي لـ«الجريدة» ان تطور الحياة السياسية والبرلمانية فرض بعض مفاهيم قانونية ودستورية، ومن أهم تلك المفاهيم ظهور مصطلح شرط حسن السمعة الذي كان محصورا – كشرط – في تقلد الوظيفة العامة، حيث أصبح هذا الشرط مطلبا في من يرغب بتمثيل الأمة من خلال عضوية مجلس الأمة، الذي كان محرما على من يكون محكوما عليه بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة حيث قضت المحكمة الدستورية بأن هناك شرطا لابد من توافره لمن يريد أن يتقدم للترشح لعضوية مجلس الأمة، وهو أن يكون (حسن السمعة) باعتباره شرطا مفترضا لا يحتاج النص عليه صراحة، وذلك لطبيعة الوظيفة النيابية وخطر مسؤوليتها وواجباتها وصونا لكرامة السلطة التشريعية وحفاظا على هيبتها يتم اثبات حسن السمعة أو سوءها.

ويضيف المستشار الجلاوي  بأن مسألة ثبوت حسن السمعة من عدمها لابد لها من وجود أدلة وقرائن تدل على السمعة وما إذا كانت نقية أو ملوثة وهذه الادلة والقرائن تخضع لرقابة القضاء الذي يتأكد من وجودها أو عدم وجودها، وكونها مسألة نسبية تتعلق بالسلوك الشخصي، وهي ألا يكون اشتهرت عنه قالة السوء أو التردي فيما يشين، وهذا هو الاتجاه الذي تبنته المحكمة الدستورية الكويتية في الطعن المقدم من أحد الافراد برقم 8 لسنة 2008، لكن الإدارية العليا المصرية أخذت ما انتهت إليه المحكمة الدستورية الكويتية وطبقته على أحد الأفراد المتقدمين لعضوية ناد رياضي في جمهورية مصر العربية وبذلك يكون شرط حسن السمعة شرطا مفترضا لابد من توافره فيمن يتقدم لعضوية مجلس الأمة بغض النظر عن صدور أحكام في جرائم مخلة بالشرف أو الامانة.

محمد الفيلي:

• المادة 80 نصت على أن المشرع وحده هو من يضع  الشروط... والقبول بهذا الشرط سيفتح باب الطعن على الناخبين أيضاً!

• قضاء المحكمة الدستورية محكوم بمبدأ الفصل بين السلطات

خليفة الحميدة:

• الدستور لا يعرف إلا الشروط المكتوبة للمرشح وحسن السمعة من دون أحكام يتعارض مع قرينة البراءة

• القضاء الإداري وحده من سيحدد مدى الالتزام بشرط حسن السمعة

جمال الجلاوي:

• المحكمة الإدارية العليا المصرية استبعدت ترشيح رئيس ناد استناداً إلى حكم الدستورية الكويتية بشأن حسن السمعة

• تطور الحياة السياسية والبرلمانية فرض بعض مفاهيم قانونية ودستورية

back to top