مد الجسور
خلال اليومين الماضيين أنهينا الدورة التدريبية الخاصة بتعزيز قدرات الإعلاميين في مجال حقوق الإنسان بالتعاون بين مركز السلام للدراسات التنموية والاستراتيجية ومؤسسة مد الجسور، وهو التعاون الثاني بين المؤسستين، حيث كنا قد عقدنا دورتين سابقتين في العام الماضي، وحيث إن الهم والمشاركة هما بالأساس خليجيان، فقد كانت القضايا المطروحة والنماذج المدروسة مرتبطة مباشرة بواقعنا في الخليج، وقد أبدع المشاركون سواء كانوا مدربين أو محاضرين أو مشاركين، من عمان والبحرين والسعودية والإمارات وقطر والكويت في إنجاح الرؤية والمسارات المستهدفة. ومن المقرر أن تبدأ اليوم الدورة الثانية، وهي مخصصة لبناء قدرات الشباب في مجال مؤسسات المجتمع المدني والتي ستنتهي غداً الأحد. وقد اتضح لنا أنه كلما زاد التواصل بين شرائح المجتمع المختلفة بالخليج زاد التفاهم حول الأولويات وزادت القناعات بأن الجهد الشعبي التطوعي لتحديد تلك الأولويات يمثل مدخلاً أساسياً لرؤية أكثر وضوحاً في كيفية التعامل مع المعضلات التنموية والاستراتيجية في المنطقة. من الملاحظ أيضاً أن الخلاصة المتحصلة من كل لقاء شعبي تطوعي خليجي، غير سياسي بالضرورة، أي لا يمثل توجهاً سياسياً بعينه، بأن الحاجة إلى العمل الجاد لمد مزيد من الجسور أصبحت ملحة وضرورية إن أردنا مزيداً من الاستقرار. كما يتضح لنا أن تلك الحاجة لمد الجسور في لقاءات طوعية غير سياسية لا تقتصر فقط على التواصل الخليجي البيني فحسب، ولكن ينسحب أيضاً حتى على الشرائح الاجتماعية داخل كل مجتمع بذاته، فكم نحن بعيدون عمن هم قريبون منا. حالة الاستقطاب والتنافر المتزايدة والتي تجاوزت في كثير من الأحيان البعد السياسي إلى البعد الاجتماعي، هي الحالة التي لا يمكن حلها إلا من خلال مزيد من مد الجسور للخروج من هذه المعضلة فهل نمد الجسور بيننا أم نكسرها ونفتتها أكثر مما هي مدمرة.