حدم!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
وكما ترون، فالمطالبات عالية السقف جدا كما أسلفت، وهذا الأمر سيؤدي حتما إلى أن يواجه شباب "حدم" موجات متلاحقة من المعوقات، ابتداء بالسلبية والتجاهل، ومن ثم بالتشكيك والتخوين وانتهاء بالمعارضة والتصدي، وسيجتمع على ذلك أطراف مختلفة، وسيكون النظام على رأسها بلا شك.أقول هذا لأني أدرك تماما أن هذا المشروع السياسي الطموح هو في حقيقة الأمر بمنزلة "مشروع المشاريع" إن جاز لي أن أستخدم هذا التعبير الشائع الاستخدام، فهذا المشروع في صميمه ليس مجرد تغييرات وإجراءات شكلية في النصوص والممارسات إنما هو انتقال بالكويت ودستورها وطريقة ممارستها للحراك السياسي من واقع إلى واقع مختلف تماما. مشروع، لو كُتِب له أن يكون، فسيغير تماما من شكل وهيئة وتوزيع مراكز القوى والسيطرة والتحكم والنفوذ على الخارطة السياسية المحلية. لهذا فإن مشروع "حدم" لن يكون بالمشروع الذي يمكن له أن يمر سلسا على نفوس اللاعبين النافذين في المشهد السياسي المحلي، اللهم إلا أولئك الذين يريدون حقا تحقيق مصلحة الوطن، ولو جاءت على حساب مصالحهم الخاصة، وهؤلاء قلة كما نعلم جميعا.ولعل القارئ، وبعد هذه السطور، قد لمس حماس كلماتي لمشروع "حدم"، والحق أن هذا صحيح، فهذا المشروع يلامس عقلي وفكري ومشاعري جدا، ومن يتابع هذه الزاوية، لعله قد أدرك أن محاور هذا المشروع لطالما كانت هي مدار الكثير من مقالاتي، كفكرة الدائرة الانتخابية الواحدة، وأن يكون الانتخاب على أساس القوائم، وضرورة إشهار الأحزاب، ولزوم تشكيل الحكومة الشعبية المنتخبة، وأني كثيرا ما كتبت وقلت بألا خروج لنا من هذه الأزمات إلا عبر مشروع تغييري كبير وشامل، وهو الأمر الذي رأيته في مشروع "حدم" بعدما حضرت ندوتهم الافتتاحية مساء الجمعة في ساحة الإرادة.ومع ذلك، فإن مشروع "حدم"، في قناعتي، لا يزال في مرحلة البذرة، وهو ما سيتطلب عملا دؤوبا وجادا، حتى يكبر ويستوي على سوقه ليتحول إلى خطة عمل قابلة للتطبيق، وإن كنت قلت هذا، فليس بالضرورة أن يحتاج الأمر إلى وقت طويل، في ظل توافر وسائل الاتصال السريعة اليوم، وهي القادرة على نشر الأفكار وتعريضها للنقاش والأخذ والرد حتى تتبلور وتقوى شوكتها في وقت قصير نسبيا، وكذلك في ظل تلك العزيمة والهمة التي رأيتها لامعة بالأمس في عيون شباب "حدم" الراغبين بتحقيق وتقديم شيء حقيقي لأجل هذا الوطن، في مقابل عشرات الشعارات والتصريحات السياسية التي انطلقت طوال الفترات الماضية، ولم ينتج عنها شيء ملموس.أؤيد مشروع "حدم" بهيئته العامة اليوم، وسأكون من مناصريه إلى أن يأخذ شكله النهائي، فيتبلور ويتمكن من حشد الدعم السياسي والنيابي والإعلامي والشعبي اللازم لكي يصل إلى التطبيق، لإيماني العميق بأنه سيكون لخير هذه البلاد وخير أهلها جميعا.