السلفيون في سورية... هل يزدادون قوة؟

نشر في 25-10-2012
آخر تحديث 25-10-2012 | 00:01
No Image Caption
 إيكونوميست يقوم البعض بمنع السجائر، أو الترويج للسراويل القصيرة التي كان يرتديها رفاق النبي محمد، أو إرسال انتحاريين لتفجير المراكز الحكومية. يمزح البعض الآخر بشأن الالتحاء لمسايرة الجهات المانحة الثرية والمحافِظة في الخليج. أهلاً بكم في عالم السلفيين الانتقائي في سورية. يبقى هذا العالم حتى الآن مجرد فرع صغير من القوات الثورية التي تناضل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، لكن بدأ ذلك الفرع يتنامى تدريجاً.

بدأت قوة السلفيين تزداد في سورية منذ بداية السنة، حين عرّفت "جبهة النصرة" عن نفسها؛ تلك الجماعة التي تعتبر الصراع السوري جزءاً من الجهاد العالمي هي الجماعة الوحيدة التي تعترف بها "القاعدة" صراحةً. هي تثبت وجودها عبر ارتكاب تفجيرات انتحارية تسبب في أغلب الأحيان وقوع ضحايا مدنيين، وهي تطبق أيضاً مقاربة إعلامية حذقة، لكن بدأ تأثير هذه الجماعة يتزايد تزامناً مع انتشار قواتها على جبهة المعركة المحتدمة في حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية.

تبرز أيضاً جماعة "أحرار الشام": إنها شبكة سلفية أخرى ولكنها أكثر اعتدالاً بنسبة معينة، وهي تنشط بشكل أساسي في محافظة إدلب الشمالية الغربية. تماماً مثل "جبهة النصرة"، هي تريد فرض دولة إسلامية متشددة وتعتبر أن الصراع السوري هو معركة طائفية بين المسلمين السنّة والعلويين (فرع شيعي صغير ينتمي إليه الأسد). يبقى عدد الجماعتين ضئيلاً نسبياً على الأرجح. بعد أن شجع نظام الأسد على تدفق المجاهدين إلى العراق لقتل الأميركيين بعد الغزو في عام 2003، عمد إلى قمع المتطرفين، لكن يشكل المجاهدون أقلية ضمن الجماعة السلفية لأن معظم السلفيين لديهم ميول أكثر اعتدالاً.

يقول نواه بونسي، مُعِدّ تقرير حديث حول المجاهدين في سورية ضمن مجموعة إدارة الأزمات الدولية (جماعة ضغط في بروكسل): "ينتمي الثوار بشكل متفاوت إلى المناطق الفقيرة والمحافِظة حيث يكون تأثير النزعة السلفية كبيراً". هو يظن أن اتكال النظام على الجنود العلويين و"الشبيحة" ودعمه للقوى الشيعية، بما في ذلك إيران و"حزب الله" (حزب شيعي لبناني)، ساهما في نشر الفكرة السلفية القائلة إن الانتفاضة هي في الحقيقة صراع لفرض الهيمنة السنية.

ساهمت المساعدات النقدية من الجهات المانحة الخليجية التي تفضل المقاتلين الدينيين في منح السلفيين مكانة رفيعة، لكن يبالغ بعض المقاتلين في تديّنهم، ويعترف مقاتل في جماعة "الفاروق" الإسلامية: "لقد أطلقنا لحيتنا وصرنا نتصرف بشكل متديّن للحصول على المال. لكن يشرب الكثيرون منا الجعة". صحيح أن المعارضة فشلت عموماً في طرح رؤية واضحة عن سورية بعد سقوط نظام الأسد، لكن السلفيين الذين يمجّدون الموت في قضية الجهاد يوفرون هوية للمقاتلين.

إن نجاح الجماعات السلفية في التفوق على غيرها (كما تخشى بعض الحكومات الغربية) هو مسألة أخرى. لا شك أنها تريد حصة من الغنائم في سورية المستقبلية، ولا سيما إذا وفرت نسبة متفاوتة من المقاتلين والأسلحة.

لكن حثت بقية فصائل المعارضة تلك الجماعات على ضبط نفسها، واعتبرت أن وجودها يصب في مصلحة النظام الذي يعتبر الثوار أصلاً إرهابيين إسلاميين مرتبطين بـ"القاعدة". دان واعظ سلفي على التلفزيون، اسمه عدنان العرعور، التكتيك الانتحاري الذي تطبقه جماعة "جبهة النصرة".

حتى الآن، فشلت التحالفات الثورية الإسلامية مثل "جبهة تحرير سورية" التي تتألف بشكل أساسي من لواء "صقور الشام" وجماعة "الفاروق" (يتمركزان معاً في محافظة إدلب) في كسب دعم السوريين عموماً لأن معظمهم علماني، ولا سيما ربع السوريين الذين ينتمون إلى أقليات غير سنّية تشمل المسيحيين والعلويين والدروز.

يصر البعض في الحكومات الغربية وغيرها من الحكومات التي تريد مساعدة الثوار على ضرورة توحيد الأموال ونقلها إلى الوجهة المناسبة كي لا تستفيد الجماعات الجهادية والسلفية من سخاء الداعمين الخليجيين. يريد قادة الثوار (مثل مصطفى الشيخ من الجيش السوري الحر الذي يشعر بالقلق من السلفيين) تعزيز قوة المجالس العسكرية المحلية، لكن مع استمرار وضع المراوحة وسفك الدماء، بعد 19 شهراً على بدء الانتفاضة، قد تزداد الجماعات السلفية قوةً.

back to top