يعود الخريجون في الولايات المتحدة الى الدراسة من جديد، ولكن لا إلى جامعات تقليدية بل الى كليات أهلية وفنية وتطبيقية تمنح شهادات أقل مستوى من الشهادة الجامعية. وفي بعض الحالات يحقق الحصول على شهادات الزمالة من جهات مهنية وجمعيات مدنية درجة من النفع الاقتصادي قد تفوق منفعة شهادات البكالوريوس.

Ad

وفي أعقاب الركود الكبير تعلم الآلاف من الخريجين الدرس المرير المتمثل في أن الشهادات الجامعية لاتضمن بالضرورة عملاً مستقرا. ورداً على ذلك اختار العديد منهم العودة للدراسة في كليات أهلية أو تطبيقية  community colleges من أجل تحسين وضعهم وأجرهم وأمن وظائفهم. أي أنهم قاموا بخطوة الى الوراء. كما أن بعض الخريجين اختاروا السعي الى الحصول على زمالة جهة مهنية بعد حصولهم على البكالوريوس.

ويقول دوغ شابيرو مدير البحث التنفيذي في مركز بحوث الطلبة الوطني كليرنغهاوس: "يوجد الكثير من الأدلة القصصية التي تشير الى أن ذلك قد تحول الى ظاهرة".

وتقدر أرقام دراسة مساعدات الطلبة ما بعد الدراسة الثانوية أنه خلال السنة الدراسية 2007 – 2008 كان 8 في المئة من الطلاب المنتسبين الى كليات أهلية قد حصلوا على شهادة البكالوريوس. وقد جمعت هذه المعلومات قبل تصاعد التسجيل في تلك الكليات خلال السنوات الأخيرة، بحسب نورما كنت نائب رئيس الجمعية الأميركية للكليات الأهلية.

بعض الطلاب العائدين كانوا من حديثي التخرج الذين وجدوا أن تخصصهم في علم الاجتماع أو الفلسفة لم يكن كافياً للعثور على وظيفة مربحة. وهم يتدربون الآن للعمل كممرضين واختصاصيي تقنية معلومات أو فنيين طبيين. ويحصل معالجو الأشعة والممرضات المسجلات من حملة شهادات الزمالة على رواتب وسطية تبلغ 74200 دولار و63800 دولار على التوالي، وذلك وفقاً لتقرير صدر في سنة 2009 عن مكتب احصائيات العمل في الولايات المتحدة.  

 ويقول فيلكس ماتوس رودريغز وهو رئيس كلية هوستوس الأهلية في برونكس: "العديد من هؤلاء الطلبة تخرجوا منذ وقت قريب، وسوق العمل لم يفتح أمامهم بالشكل الذي كانوا يتوقعونه، ويقول البعض منهم إن اختيارهم الأولي للاختصاص لم يكن الاختيار المناسب، وبالنسبة الى البعض من الذين سرحوا كان ذلك أشبه بنداء استيقاظ".

وكانت فئة بيبي بومرز ضمن اولئك الذين عادوا لنيل شهادات زمالة بغية تحسين فرصهم السوقية في مهنهم الحالية أو للتدرب من جديد على مهن جديدة بعد تسريحهم من العمل.

فوائد شهادة السنتين

يحتاج نيل شهادة زميل الى سنتين أو أقل من ذلك، والتكلفة أقل كثيراً من برامج التخرج الجامعي العامة أو الخاصة، وهي توفر مرونة أكبر بالنسبة الى اولئك الذين يعملون كمتفرغين. وفي سنة 2010 – 2011 كان متوسط رسوم الدراسة العامة لسنتين 2713 دولاراً مقارنة مع 7605 دولارات في معاهد الدراسة العامة لأربع سنوات، وذلك وفقاً لتقرير صدر عن كولدج بورد في سنة 2011.

وقال ماتوس رودريغز إنه خلال السنوات الثلاث الماضية تم تسجيل مابين 35 و60 خريجاً في كل فصل دراسي (نصف سنة) في هوستوس من أجل نيل شهادة زمالة، في حين لم يتقدم أحد في السابق.

ويعتقد ماتوس رودريغز أن الاقتصاد عزز هذا الاتجاه ولكنه ينسب الفضل أيضاً الى دور ادارة اوباما في عملية  التحسين والاستثمار في برامج الكليات الأهلية. وفي شهر سبتمبر الماضي أعلنت وزارة العمل تقديم المنحة الثانية بقيمة 500 مليون دولار الى الكليات الأهلية كجزء من مبادرة للتدريب على العمل لأربع سنوات بقيمة تصل الى ملياري دولار. ومنذ بداية الركود شهدت هذه الكليات زيادة في نسب التسجيل الاجمالية.

وحسب المركز الوطني لإحصائيات التعليم تم منح 849000 شهادة زمالة خلال السنة الدراسية 2009 – 2010 أي بزيادة قدرها 50.4 في المئة عن متوسط نسبة العشر سنوات السابقة. كما شهدت شهادات الزمالة في ميدان الصحة والحقول ذات الصلة قفزة بلغت 105 في المئة خلال تلك الفترة ذاتها.

ويقول ماتوس رودريغز إن "برامج الكليات الأهلية تدرب الناس على حقول مهنية بقدر أكبر وكان لذلك صداه".

وفي شهر يناير الماضي تقدمت كاميل مكنتوش وهي في الثامنة والعشرين من ليفربول في نيويورك للتسجيل في جامعة بريانت أند ستراتون في سيراكوز بغية الحصول على شهادة اي اي اس في الموارد البشرية، وقد تخرجت في سنة 2006 من جامعة ديفري في ميرامار في فلوريدا وتحمل شهادة بي اس في الإدارة الفنية مع تركيز على ادارة الضيافة.

وتقول كاميل إنها شعرت بإحباط نتيجة عملها في وظائف من مستوى الدخول في شركات مثل هارد روك وماريوت، وأدركت أنها يجب أن تتبع وظيفة في ميدان الموارد البشرية. وفي سنة 2011 أمضت عدة شهور وهي تبحث من دون أن يحالفها النجاح عن وظيفة في مستوى الدخول في مجال الموارد البشرية وتقول: "إن شهادة البكالوريوس من دون خبرة الموارد البشرية لم تساعدني على الاطلاق، وكانت تلك بداية الطريق".

وتضيف انها اكتشفت أن في وسعها من خلال علاماتها في الجامعة إتمام برنامج تخصص في الموارد البشرية في برايانت أند ستراتون خلال أقل من سنة، والأكثر أهمية أن البرنامج وفر لها اقامة مع مجموعة أديكو وهي شركة توظيف تقوم بتشغيل أكثر من 500000 شخص في شتى أنحاء العالم.

وتعترف كاميل أنها شعرت بالحرج في البدء نتيحة اضطرارها الى العودة لنيل شهادة زمالة بعد أن حصلت على البكالوريوس وتقول: "في بعض الأحيان أنت تضطر الى اتخاذ خطوة نحو الوراء كي تتقدم الى الأمام". وتضيف أنها لاتزال مدينة بمبلغ 40000 دولار من دراستها الجامعية لأربع سنوات وسوف تحتاج الى 15000 دولار في برنامجها الحالي. وقد وصل متوسط الاقتراض لكل الطلبة في سنة 2011 الى 23300 دولار بحسب بنك الاحتياط الفدرالي في نيويورك – ويدين 10 في المئة بأكثر من 54000 دولار، في حين يدين 3 في المئة بأكثر من 100000 دولار.

ويقول روبرت تمبلن رئيس جامعة مجتمع شمالي فيرجينيا (نوفا) إن "عدداً كبيراً من حملة شهادة البكالوريوس يشعرون بقلق ازاء الديون التي تراكمت عليهم، ويصف المزيج المكون من البكالوريوس وشهادة الزمالة بأنه "كوكتيل قوي" وانه شاهد ذلك في جامعته خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية.

وحسب التخصص والجامعة يمكن أن تكون شهادة الزمالة وما بعد الدراسة الثانوية ذات فائدة اقتصادية أكبر من شهادة البكالوريوس. وقام مارك شنيدر وهو نائب رئيس لدى المعهد الأميركي للبحوث بمقارنة قوة الكسب لدى خريجي الزمالة والبكالوريوس في فيرجينيا وأركنسو وتتنيسي، ووجد أن عوائد شهادة الزمالة يمكن أن تتجاوز مردود شهادة البكالوريوس.

وفي فيرجينيا تجاوز دخل خريج برامج الزمالة الفنية أو المهنية مع راتب وسطي يبلغ أقل من 40000 دولار ليس فقط الخريج غير المهني حامل شهادة الزمالة بحوالي 6000 دولار بل حامل البكالوريوس أيضاً بحوالي 2500 دولار على مستوى الولاية.

والطلبة الشبان ليسوا فقط من الخريجين السابقين العائدين من أجل نيل شهادة الزمالة حيث يعود من تجاوز الخمسين منهم الى كليات ومؤسسات الزمالة بأعداد قياسية، وبلغ عدد المسجلين في خريف سنة 2009 في شتى أنحاء البلاد 388000 وفقاً لـ اي اي سي سي وبزيادة بلغت 12 في المئة عن سنة 2005.

وعادت كاثي ويب – 61 سنة – من فيرجينيا وهي طالبة تمريض لدى نوفا الى كلية أهلية في سنة 2010 وهي تبعد 6 أشهر عن يوم التخرج. وكانت ويب تخرجت في سنة 1973 من جامعة لونغوود في فيرجينيا وبدأت عملها كمدرسة للموسيقا وبحلول الثمانينيات من القرن الماضي انتقلت الى بيع مستحضرات طبية، ثم أصبحت في نهاية المطاف سمسارة رهون عقارية. وعندما حلت أزمة الرهن في سنة 2008 فقدت عملها وأصيبت بالتهاب السحايا. وبعد أن تعافت من المرض تقول إنها بدأت بالتفكير في العودة الى الدراسة لتصبح ممرضة. وفي الصغر كانت تريد الذهاب الى كلية الطب وقد وجدت الآن فرصة لتحقيق جزء من حلمها على الأقل. وهي تخطط للعمل ممرضة بعد التخرج.

(مجلة فورتشن)