مرافعة : ترهيب القضاء!
إن صحت الدعوات لعقد تجمعات حاشدة أمام مبنى قصر العدل في صباح يوم 25 الجاري ترقبا لحكم المحكمة الدستورية في الطعن المقدم من الحكومة لقانون الدوائر الانتخابية لا هدف منها برأيي إلا محاولة لترهيب القضاء أو التأثير على أحكامه وهو ما يجرمه قانون الجزاء.مقتنع تماما بأحقية الشباب ومن يقود الحراك السياسي سواء في كتلة الأغلبية أو نهج أو حتى المولود الجديد "الجبهة الوطنية" بالتواجد في ساحة الإرادة والتعبير عن رأيهم باعتبارين، الأول هو إيماني المطلق بأن ساحة الإرادة قد تكون مكانا للتعبير عن رأيهم مثلما هي الصحيفة الأداة التي أعبر فيها عن رأيي، والآخر أن التواجد السلمي في ساحة الإرادة لا يضر بالمرافق العامة أو الصالح العام طالما بقي في إطار التعبير عن الرأي، ولكن أن تغير التجمعات وجهتها نحو قصر العدل بهدف ترهيب القضاء أو لمحاولة التأثير على أحكامه هي رسالة لا يقبلها الدستور ويجرمها القانون، وبالتالي تمثل رفضا من قبلي وأتمنى عدم صحة ما تردد عن تلك التجمعات.
فالدستور يا سادة كل لا يتجزأ يسمح لك بالتعبير عن رأيك، لكنه في المقابل يسمح للحكومة باللجوء إلى المحكمة الدستورية للطعن بعدم دستورية القوانين واللوائح بالمادة 173 منه، وذات الدستورسمح للقضاء أن يفصل بهذا النوع من الطعون، ولذلك علينا أن نتقبل ما سيصدر من القضاء مهما كانت نتيجة ذلك الحكم، لا أن نمسك حرية التعبير بيد ونرمي بأحقية القضاء ممثلا بالمحكمة الدستورية بالفصل بالطعون المعروضة أمامه باليد الأخرى، وإلا نكون بذلك قد قبلنا بتطبيق ما يتوافق مع مزاجنا السياسي بذريعة الدفاع عن الدستور واحترام نصوصه!قد يكون الحكم الصادر من المحكمة الدستورية غير متوافق تماما مع صحيفة الطعن المقدمة من الحكومة التي قد تأتي المحكمة الدستورية وترفضها، والسؤال هل سيتباكى البعض حينها على الحكومة ويلومها بتعطيل الحياة السياسية لأنها لجأت إلى المحكمة الدستورية بالإحالة إلى المحكمة الدستورية؟ أو سيلفق لرئيس الفتوى والتشريع وسيطالب بإقالته لأنه هو من ورط الحكومة بالإحالة إلى المحكمة الدستورية ليختلق من تلك القصص قضية جديدة للنيل من خطوة الحكومة باللجوء إلى المحكمة الدستورية رغم أنها خطوة كانت الحكومة تهدف من ورائها تحصين العملية الانتخابية من الطعن!وفي المقابل إذا قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية الخمس دوائر علينا أن نحسن الظن بقضاء المحكمة الدستورية إن كنا لا نريد أن نحسن الظن بالحكومة التي أحالت صحيفة الطعن الى القضاء الدستوري، والمحكمة إذا ما فصلت بالطعن في عدم دستورية القانون فستنتهي بذلك إلى أسباب جدية وتسبيب لا يقل عن التسبيب الذي سطرت به المحكمة حكمي عدم الدستورية بقانون التجمعات أو ببطلان مجلس 2012 وهي أسباب على الأقل لا يختلف عليها أهل القانون أنفسهم.