منظور آخر: ضمير مرتاح أم كرسي دائم؟

نشر في 20-05-2012
آخر تحديث 20-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 أروى الوقيان هذا اللحن الجميل، ساعات الليل الهادئة، هذا السحر الليلي الغريب يسكن بروحي الآن، أتذكر جميع الوجوه الحزينة التي مرت عليّ اليوم، حانت ساعة محاسبة النفس، وكأني لم أقدر من قدم لي القهوة بابتسامة شكر اليوم، وكأني لم أنتبه لهذا العامل البائس الذي طلب أن ينظف سيارتي ولم أستجب له، كأني وكأني... هذا الضمير يؤرقني كل ليلة.

هذا يحدث وأنا لست سوى موظفة عادية، وإنسانة لا أملك مسؤولية توصيل رسالة أشخاص ومظلومين، كيف لِمَن يسرقون ثروات وطننا أن يناموا مرتاحي البال؟ كيف لهم أن يبددوا ثروات شعب كامل على أنفسهم دون أن يقلقهم ضميرهم؟!

كيف يمكن لهذا الذي ادعى الدين وفرض وصايته على الناس، أن يكون منافقاً يمثل الدين علينا ويمارس انحرافاته بالسر دون أن يشعر باحتقاره لذاته؟

كيف لأولئك المتلونين والمتبدلين والمنافقين أن يهنأوا بحياتهم، هكذا وبكل بساطة دون أن يرهقهم الأرق أو القلق، بل دون أن يخشوا العاقبة؟

المسألة بكل بساطة هي أن مَن يسرق اليوم وينهب ويتاجر بأرواح الآخرين ويستعبد ويظلم ويحلل ويحرم وكأنه ملك الكون، ستدور به الحياة وتنتقم منه لا لشيء، بل لأن عدالة السماء لا تعرف واسطة، ورحمة الله بعبادة أكبر من أي قوة بشرية.

أنت يا مسؤول ويا نائب ويا وزير، مسؤوليتك هي الأمانة في توصيل الرسالة في خدمة الناس ومساعدتهم، في اللحظة التي ستقرر أن تقوم بها بالتنازل الأول عن مبادئك فقط للتمسك بكرسيك فترةً أطول، فلتعلم أنك بعت نفسك بثمن زهيد ورخيص، واعلم أن لحظة التنازل الأولى ستجر الثانية والثالثة وستجعل منك جسداً بلا روح و لا احترام.

نعم لكل هذا الوهج والمنصب إغراءات ومصالح مشتركة، قلة هي التي تتمسك بمبادئها لتوصيل رسالة.

في النهاية كلنا هنا لرسالة ما، من يعيش دون هدف وبدون مبدأ وبدون هوية، ليس سوى روح مازالت عاثرة في الحياة، تستحق أن ترشد، لتصبح أنت المرشد يا من وصلت، لتكون القدوة، نحتاج إلى ملهم، إلى شخصية وطنية، لا تتغير حسب مصالحها، نحتاج إلى شخص بضمير حي لا يموت وبقلب يحب الوطن بإخلاص لا بالشعارات فقط.

"قفلة":-

عندما أرى البؤس الذي يعيش في عيون عمال النظافة المتكدسين في كل مكان، وأرى الفراش ينام خلسة أثناء العمل لأنه يعمل في ثلاثة أماكن حيث تم الاتجار به من تجار الإقامات، وتراكمت ديونه ومعاشه متواضع ولا يقبضه لشهور طويلة، أشعر بحسرة عليهم، وأقول كيف لهم أن يهنأوا بنومهم وأموالهم من تاجروا بإنسانية مئات وآلاف الأشخاص؟!

back to top