ذكرت في المقال السابق أن الصعوبات التي تواجه الرئيس المنتخب مرسي كبيرة والمعوقات كثيرة، وفي محاولة للبحث وراءها وجدتها كلها تنتهي إلى نقطة واحدة، وتنتمي إلى ذات الجذر وهو باختصار "الثورة المضادة"، وكتعريف بسيط لها هي "كل فعل يؤدي إلى الانتقاص من مكاسب الثورة ونجاحاتها ويمنعها من تحقيق أهدافها، ويدفعها للخروج عن طريقها المأمول"، وذلك رغم أن بعض المعوقات تبدو خارج السياق، وتتم بحسن نية من جانب أصحابها، مثل المطالب الفئوية وتظاهرات الاحتجاج على ارتفاع الأسعار، واختفاء "البوتاغاز" وندرة البنزين... إلخ.

Ad

إلا أن ذلك يتم الاستفادة منه من جانب بقايا النظام السابق أو أيتام مبارك ممن فقدوا بسجنه المؤبد وتولي مرسي الرئاسة أي أمل في وجوده خارج الأسوار، فجنّ جنونهم وزاد غضبهم وأخذوا يحاولون بكل الطرق والوسائل عرقلة مسيرة الثورة وضرب الاستقرار؛ من خلال عرقلة مؤسسة الرئاسة المنتخبة شعبياً ووضع المعوقات في طريقها، وأصبحوا كمن يلقي قشرة الموز في طريقك لتتعثر وتقع على الأرض، وإذا نهضت وواصلت السير يرمي قشرة أخرى لتتعثر من جديد وهكذا.

وكما نعلم ففي مصر الكثير جدا من الموز (المشاكل) الذي يمكن تقشيره وإلقاؤه على الأرض ليتعثر به الرئيس وتقع معه الثورة، وإذا كانت هناك بعض العراقيل تتم بحسن نية كما ذكرت فهناك الكثير الذي يتم بسوء نية وبصورة متعمدة؛ مثل المواقف الإعلامية المخزية لبعض الفضائيات الخاصة وبعض مذيعي القنوات الرسمية، فلا يمكن مثلا اعتبار المعالجة الإعلامية لقضية قتيل السويس والنفخ فيها وإثارتها أنها تمت بحسن نية!! وكذلك إثارة مسألة تعيين نائب قبطي لرئيس الجمهورية، وهل هو نائب أم مستشار وبالمثل إنشاء حزب (أو جماعة) الإخوان المسيحيين... إلخ.

إن الموقف الإعلامي من البعض بشأن كل هذه القضايا يؤكد سوء النية المتعمد، بل إن حادثة اشتباك المحامين مع الشرطة في مدينة نصر مثال آخر لذلك، فخلاف بسيط بين محامٍ وضابط في القسم (كثيرا ما يحدث) يتحول فجأة ويتصاعد بسرعة إلى انشقاق كبير بين المحامين ووزارة الداخلية بأكملها!! إن ما حدث قشرة موز كبيرة ألقاها أحدهم لتتعثر فيها مؤسسة الرئاسة أو الحكومة أو القوى الثورية أو الرأي العام... إلخ. المهم أن تتعثر جهة ما فيتعثر معها الجميع ويتهدد الاستقرار.

الكثير مما ذكرت وما لم أذكره يعرفه الجميع، ولكن ما الحل؟ الحل لن يكون إلا بالقرار الصارم والعمل الحازم من جانب الرئيس ليثبت للشعب ولمن اختاره أنه هو وليس غيره رئيس الجمهورية... أنه هو وليس غيره من ائتمنه الشعب على ثورته، فيا سيدي الرئيس مزيد من الحزم والعزم، وأولى المحطات التي يجب أن تقف عندها هي الإعلام، فلا يمكن أن تستمر الثورة وتنجح وهناك من يهاجمها ليل نهار بالحق مرة وبالباطل مرات، لا يمكن أن يستمر هؤلاء الإعلاميون الذين تربوا على النفاق والتكسب الشخصي.

إن تطهير الإعلام من خلال تغيير قيادات التلفزيون الرسمي وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي في حق القنوات الخاصة لم يعد فقط مطلبا ثوريا أو شعبيا بل مهنيا أيضا، فالكثير من هؤلاء يخطئون مهنيا في تعاملهم مع الأحداث، ويتعاملون معها هوائيا (من الهوى والحب وليس الأثير). كما أن إعادة هيكلة القضاء وإقالة النائب العام– تبعا لسلطاتك- يجب أن تكون المحطة الثانية.

سيدي الرئيس: لم يعد أمامك المزيد من الزمن فالوقت ينساب من بين يديك، وجلادوك ومنتقدوك في انتظارك، منهم من يمسك "بالمرسي ميتر" ومنهم من يتمسك بالعد التنازلي، وآخر يعد الـ 100 يوم بالدقائق، فلا تعطِ هؤلاء ثغرات ينفذون منها إليك. إن الشعب الذي اختارك (يتندرون أن نسبته أقل من 25% ممن له حق التصويت ونسوا أن عددا أقل من هذا بكثير أتى بنسبة 99% للمخلوع) ينتظر قرارك.

سيدي الرئيس: اجمع " الموز" من الأسواق وريحنا.

***

بعد كتابة المقال صدر قرار رئيس الجمهورية بإعادة مجلس الشعب وتفاوتت الآراء هل هو "ضربة معلم أم صدام مدمر"؟ فإلى المقال القادم.