لقد مرّ يوم أمس كأي يوم في أي بلد ديمقراطي، نائب قرر استجواب رئيس الوزراء والرئيس بدوره قبل المواجهة في جلسة علنية بدون تأجيل أو إحالة في سابقة هي الأولى في تاريخ الكويت السياسي، وثبت للجميع أن التهييج الإعلامي من قنوات «مدسم الشوارب» هو العامل الأساسي في خلق أجواء التوتر التي رافقت كل استجواب مرّ على الكويت في السنوات الماضية.

Ad

الحمد لله... حدثت المعجزة... لم تتوقف عجلة التنمية لأنها لم تتحرك أصلاً، لم يحتل جيش مجلس الأمة قاعدة مجلس الوزراء، الحركة في مجمع الوزراء أكثر من طبيعية، ومبنى الحكومة "مول" يعزف على أوتار الثورة التكنولوجية أجمل الألحان، الشمس أشرقت من المشرق وصوت فيروز أسمعه من نافذة السيارة التي توقفت بجانبي في طابور الزحمة اليومية.

مرّ صباح الأمس هادئاً وديعاً، صحافة التهويل وحكم "الصباح" في خطر "بلعت" لسانها مرات عدة، وقنوات البكاء والنحيب على الهيبة و"غير السوباح ما نبي"، أشاحت بوجهها الناضب عن حدث الأمس المهم، وانغمست في مواضيع بعيدة عن مسرحياتها القديمة وسهراتها السياسية الموجهة.

مرّ نهار الأمس رائقاً بلا نواح واتصالات من الاستديو المجاور، كرة الشحم لم تتدحرج فوق طاولة "مسح الجوخ" المبرمج، والأغاني الوطنية المفصلة على المقاس الأكبر و"انتصرنا"، لم نسمع منها "كوبليهاً" واحداً، منصة التصريحات النيابية لم تنطلق منها أكاذيب وخيالات البطل الذي سحق خصومه بإصبع قدمه الأصغر من رجله اليمين، ولم نشهد حفل التوقيع على ورقة "منح الثقة" قبل موعد جلسة منح الثقة نفسها، وأخيراً لم تصور لنا الكاميرات أي مسيرة تأييد من مجلس الأمة إلى منزل رئيس الحكومة.

مرّ مساء الأمس، لم نشهد وجه الكاتب الكبير "مسعد بلابل"، وهو ينظّر علينا عن مخاطر الغوغائية وكيفية الحفاظ على مرحلة الفساد بحجة حماية الدستور، والسبب معروف: أداة استعملت حتى اهترأت وتم الاستغناء عنها، ساحة الإرادة خلت من حفلات أعياد الميلاد والمبايعة المدفوعة الأجر.

لقد مرّ يوم أمس كأي يوم في أي بلد ديمقراطي، نائب قرر استجواب رئيس الوزراء والرئيس بدوره قبل المواجهة في جلسة علنية بدون تأجيل أو إحالة في سابقة هي الأولى في تاريخ الكويت السياسي، وثبت للجميع أن التهييج الإعلامي من قنوات "مدسم الشوارب" هو العامل الأساسي في خلق أجواء التوتر التي رافقت كل استجواب مرّ على الكويت في السنوات الماضية.

لقد ضاع من عمر البلد وعمرنا وأعمار أولادنا وقت ثمين لا يقدر اليوم بمال؛ لأن قراءة المشهد السياسي لم تكن بمستوى الطموح، خسرنا مجلس 2008 لأن الرئيس السابق رفض صعود المنصة، وخسرنا مجلس 2009 لأن نفس الرئيس أراد إتمام كل أعماله بسرية حتى انكشف كل شيء وبأي ثمن حتى انهار الوضع بأكمله.

اليوم نحن على أعتاب مرحلة جديدة؛ فإما أن تستثمر الأغلبية النيابية الوقت في إنجاز التشريعات الحيوية بالتعاون مع الحكومة، وتتحلى بالقليل من التواضع وعدم اختبار صبر الناس على سوء الأوضاع، وإلا فأبشروا بموجة رد فعل غاضبة ستعيد لنا سلاطين "القبيضة" من جديد، فهي كما أتت بكم ستطيح بكم "فلا طبنا ولا غدا الشر".