قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الحلم في شيء إلا زانه"، فأين نحن من هذا الكلام الطيب، ولو التزمنا الحلم خلقاً لما كان هذا حالنا، بل نحن استبدلنا بالحلم العجلة، فأصبحنا نتسابق في اتخاذ القرارات غير المدروسة، وسارعنا في كل مناسبة بالتصريحات غير المسؤولة، وأصبحنا نفاخر برفع سقف مطالباتنا إلى أقصى حد، يتجاوز في بعض الأحيان كل معقول ومنطقي، وأصبحت المزايدات منهجاً نتفاخر بالالتزام به، ونراهن عليه، ونتكسب منه، أما الحلم فقد ارتبط في أذهاننا المريضة بالضعف والجبن والخور، وموالاة السلاطين، ومداهنة الحكام، والكسب المحرم، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
الحلم بلاشك هو خلق يزين صاحبه، ويدل على رزانة شخصيته، ورجاحة عقله، وهو في كل الأحوال جميل وضروري، لكنه في وقت الأزمات أجمل، وأكبر ضرورة، فما أحوجنا إليه في هذه الفترات العصيبة التي طاشت فيها العقول، وسبق فيها اللسان الألباب، وتطايرت البيانات السياسية من كل صوب وحدب تدعو بالويل والثبور، وزاد ارتباك الحكومة، وضاقت دائرة الحلول، وأصبح المواطن حائراً مما يرى ويسمع.انتقال العدوى من مريض إلى آخر بالمخالطة والمجالسة حقيقة لا تحتاج إلى دليل، لذلك يبادر الأطباء إلى عزل المريض المصاب بمرض معدٍ ومنع الآخرين من مخالطته، فماذا عن عدوى السلوك؟ إنها أخطر بكثير من عدوى المرض الجسدي، إنها منهاج حياة إما أن يبني أو أن يدمر، وعادة ما يحدث التغيير دون أن يشعر الشخص، مع شعوره بالفخر عندما يلفت أحد انتباهه إلى أنه أصبح صورة مقاربة أو طبق الأصل للشخص الذي انتقلت منه العدوى، وكانت في السابق تكثر عن طريق المشاهير وأهل الفن والرياضة، لكنها اليوم انتقلت إلى مجتمع السياسة، وأصبحنا نرى نسخاً كربونية لبعض المشاهير من أهل السياسة في حركاتهم، ونبرات صوتهم، وغضبهم وعبوسهم وردود أفعالهم، حتى أصبحت لا تستطيع التفريق بينهم.اللهم اجعل الحلم فينا خلقاً، والتواضع مسلكاً، وإحسان الظن منهجاً، إنك على كل شيء قدير.
أخر كلام
كلمة راس: تزينوا بالحلم
25-06-2012