العبيكان وقضية المرأة
![آدم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1463597677535940800/1463597704000/1280x960.jpg)
ومن يتأمل القضية المثارة راهنا في وسائل الإعلام السعودية لما يتعلّق بالتصريحات المثارة من قبل الشيخ عبدالمحسن العبيكان بشأن انتقاد مسؤولين في القضاء، ومن ثم الوضع العام الذي يقود إلى تغريب المجتمع، ومضايقة المرأة، وتقليص حقوقها، وما نتج عن ذلك من تبعات انتهت إلى إعفاء العبيكان نفسه من منصب مستشار في الديوان الملكي. اللافت أن تصريحات العبيكان تأتي عبر وسيلة إعلامية مستحدثة هي إذاعة "إف إم"، وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن دور الإذاعات الخاصة في إثارة قضايا شبابية ذات بعد اجتماعي جدلي، تماما كما هو الحال مع وسائل الاتصال الحديثة وموقع الـ"يو تيوب" الذي يكتسحه الشباب السعودي بلا منازع، وذلك من حيث المواد التسجيلية والكوميدية والقضايا الاجتماعية التي تطرح فيه. وتأتي الانتقادات التي يتعرّض لها الشيخ العبيكان على خلفية سابقة تتعلّق بمواقف مثيرة للجدل كان تحدث عنها الشيخ سابقا، ومن ذلك قوله بإرضاع الكبير، وفك السحر بالسحر، وكلها أمور جدلية وخلافية حتى بين علماء الشريعة أنفسهم، وثمة من يرى عدم الجدوى من إثارة أمور كهذه، وهي تبدو خارج سياق التاريخ، وتتعارض في بعض جوانبها مع العلم الحديث.والدفاع عن المرأة في حقل القضاء – وهو ما يبدو للوهلة الأولى من تصريح العبيكان- ليس يأتي من منطلق فصل الاختلاط بمعناه الضيق كتخصيص مصعد خاص بها ضمن مبنى المحكمة الكبرى، أو تخصيص مبنى خاص بها، والفكرة الأخيرة تبدو مستحيلة إذ تتطلّب أن يكون جميع الموظفين في هذا المبنى من العناصر النسائية، بل إن ما تحتاجه المرأة حقا هو "خلاصها" من سيطرة الرجل في جميع شؤونها، وتبدو قضايا الأحوال الشخصية هي الأكثر وضوحا في هذا الجانب، فالمرأة لا تستطيع الحصول على صك طلاق خاص بها، بعد أن تقفل جميع أبواب الإصلاح بوجهها وقد تستمر قضيتها في المحاكم سنوات عدة دون الفصل فيها، لا لسبب، إلا لأن الأمور كلها في زمام الرجل، الذي يعمل لمصلحته الشخصية، بل إن المرأة يصعب عليها أن تستأجر منزلا يؤويها مع أبنائها في حال الطلاق إلا أن يكون الرجل شاهدا على عقد الإيجار، ذلك عرف تقوم عليه أحوال العقار في المملكة وإن لم يكن هناك قانون ينص على ذلك صراحة.كان الأجدر بالمشايخ الذين يتحدثون عن أحوال المرأة في نطاق ضيق لا يتعدى حدود الاختلاط في أروقة المحاكم، أو المؤسسات العلمية أن يلتفتوا إلى أمور أخرى أكثر جدية، ومن ذلك المعاملات المالية البنكية، وقضايا النفقة، والمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية المشار إليها سابقاً.