مرافعة : الرهان على «الدستورية»!

نشر في 09-12-2012
آخر تحديث 09-12-2012 | 00:01
 حسين العبدالله لا يمكن قبول التوسع الحكومي بإصدار مراسيم الضرورة لعدد كبير من التشريعات، بدأتها الحكومة بمرسوم تعديل قانون الدوائر الانتخابية بتقليص الأصوات الانتخابية إلى صوت واحد، ثم المرسوم بقانون لإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات، ثم المرسوم بقانون لإنشاء قانون كشف الذمة المالية، ثم المرسوم بقانون لتعديل قانون خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، ونقل تبعيتها إلى الهيئة العامة للاستثمار، وكذلك المرسوم بقانون لتعديل قانون الشركات التجارية، وأخيرا ما تردد عن إصدار الحكومة مرسوما بقانون لرفع مدة الحبس الاحتياطي.

وبالنظر إلى جميع تلك القوانين، رغم أحقية الحكومة بتفعيل المادة 71 من الدستور لإصدارها، فإنها تفتقد شرط الحدث الذي نصت عليه المادة 71 من الدستور، فلم تشهد الكويت بعد حل مجلس 2009، الذي صدر في 7 أكتوبر الماضي، ونشر مرسومه في 14 منه، أي حدث طارئ يبرر إصدار تلك المراسيم التي قرر الدستور للحكومة استخدامها على سبيل الاستثناء لمواجهة ظروف طرأت عقب غياب المجلس، إما أثناء أداء الانعقاد أو حتى في فترة غيابه سواء بحله أو لانتهاء عمره.

ولمواجهة ذلك التوسع، الذي يعد خارجا عما أوردته المادة 71 من الدستور، يتعين على المحكمة الدستورية، وهي تنظر في الطعون الانتخابية التي أقيمت على المرسوم بقانون لتعديل المادة الثانية من  قانون الدوائر الانتخابية، أن تفسر لنا بعد أن تقضي بقبول الطعون أو رفضها عمن يقدر الحدث الذي يبرر تفعيل المادة 71 من الدستور، وهل يجب إثبات هذا الحدث من الحكومة قبل استخدامها للاستثناء التشريعي أم ان الدستور جعل للحكومة رخصة باستخدام التشريع أثناء غياب مجلس الأمة، وللحكومة وحدها أن تقرر نوعية الحدث وطبيعته ولا سلطان للرقابة على توافره من عدمه سوى المجلس المقبل؟

وأيضا على المحكمة الدستورية أن تحدد، وهي في سبيلها للتصدي للطعون المقامة على الصوت الواحد، إن كانت هناك شروط تسبق تفعيل نص المادة 71 من الدستور يتعين توافرها أم لا قبل الولوج بإصدار المرسوم بقانون، وبغض النظر عن توافر حالة الضرورة من عدمها فيه؟ فعدم اعتبار «غياب المجلس ووقوع الحدث بعد غيابه» كشرطين سابقين لإصدار مراسيم الضرورة، سيعطي للحكومة الذريعة مستقبلا حتى في إصدار مراسيم للضرورة أثناء وجود المجلس، وحينها سيكون رد الحكومة بأن تلك المراسيم، التي تنفذ منذ وقت صدورها، ستعرض على المجلس بالاول والأخير للتصديق عليها أو رفضها، خاصة إذا سلمنا بنظرية ان المجلس هو وحده الرقيب على كل المراسيم التي تصدر وفق المادة 71 من الدستور.

ولذلك يتعين على المحكمة الدستورية، وهي تتصدى للطعن الانتخابي، أن تضع تفسيرا واضحا لا لبس فيه للمقصود بنص المادة 71 من الدستور، لتحدد ما هي شروط تفعيلها؟ ومن يقدر حالة الضرورة؟ وهل يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الدستورية أم لا؟ حتى تعرف الحكومة حدود التشريع الاستثنائي الذي تمارسه، ويعرف المجلس خطورة هذا التشريع لكي يستعد للرقابة عليه.

back to top