الحقائق العشر

نشر في 20-07-2012
آخر تحديث 20-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. محمد لطفـي قبل الحديث- كما وعدت في المقال السابق- عن قرار الرئيس مرسي عودة مجلس الشعب والذي تراجع عنه فيما بعد، وهل هو "ضربة معلم أم صدام مدمر". نحاول رصد بعض الحقائق:

1- نجحت الثورة في خلع مبارك ولكنها لم تنجح في تثبيت الشرعية الثورية كمنهج للعمل.

2- المجلس العسكري لم يكن يوما راغبا في نجاح الثورة أو استمرارها، بل كان مضطرا للوقوف على الحياد في البداية ثم مساندتها ظاهريا بعد ذلك.

3- انتماء الرئيس مرسي إلى الإخوان وحد صفوف كل الرافضين للإخوان للوقوف ضده.

4- القانون والدستور نصوص جامدة والاختلاف في التفسير أمر وارد بين شيوخهما.

5- دخول القضاة الحياة السياسية (من خلال تشريعات المجلس العسكري) أضر بالقضاء وأفسد الحياة السياسية وأضاع مكاسب الثورة.

6- استعل الجميع الفترة الانتقالية الماضية (عام ونصف) في تحقيق المكاسب لقضايا فرعية خاصة وإثبات قدرته على التأثير في مجرى الأحداث سواء الإعلام، أو القضاء، أو الحكومة، أو الإخوان... إلخ.

7- أداء مجلس الشعب– رغم قصر الفترة– لم يكن على المستوى المأمول.

8- المستفيدون من النظام السابق (أيتام مبارك) مازالوا موجودين وناشطين في الساحة ويحاولون بكل قوة الدفاع عن مكاسبهم واستمرارهم في جميع المجالات (إعلام -شرطة- قضاء- محليات).

9- استغراق القوى الثورية وغرقها في بحور المناقشات النظرية والمناظرات الجدلية شغلهم عن العمل الميداني والشعبي فحدث شقاق بين بعضها بعضا وانفصال بينها وبين جموع الشعب.

10- المطالب الفئوية لم تترك الفرصة لا للحكومة ولا مجلس الشعب ولا مؤسسة الرئاسة حاليا للعمل بهدوء وصبر، فاختفت الإنجازات وزادت المشكلات.

لو اتفقنا على الحقائق السابقة لوجدنا أن المشهد العبثي الذي تعيشه مصر حاليا نتيجة طبيعية لها فلا يمكن مثلا رؤية الخلاف الفقهي الدستوري بين شيوخ القضاء دون ربط ذلك بميولهم السياسية. ولا يمكن تفهم شلل مؤسسة الرئاسة وعدم قدرتها على التحرك واتخاذ قرارات فاعلة دون الرجوع لموقف المجلس العسكري من الثورة وإصراره على التمسك بالسلطة وخوفه من المحاسبة... إلخ. قد نختلف حول ترتيب هذه الحقائق وأيا منها أكبر ضررا وأشد تأثيرا تبعا لفكر كل شخص، ولكنها بالتأكيد- متضامنة- مسؤولة عما يحدث الآن للشعب المصري. وما نراه من مشاهد أقل ما توصف به هو العبث والغش والكذب، وآخرها مثلا موقف البعض من زيارة كلينتون ورفضها والحديث أن أميركا تتدخل في الشأن الداخلي، ورغم حقيقة كل ذلك فإن هذه المظاهرات تأخرت نحو 20 عاما فأين كان هؤلاء وقت أن كان النظام السابق لا يقول كلمة ولا يأتي فعلا دون موافقة "ماما "أميركا!! أين كانوا يوم سمح القضاء (النزيه) بسفر المتهمين الأميركيين بعد دفع الثمن (الكفالة) يوم كانت أميركا تبيع وتشتري في مصر كما تشاء (في عهد المخلوع والمجلس العسكري)، بالتأكيد التدخل مرفوض ولا يقبله أحد ولكن الرفض الآن وبهذه الصورة حق أريد به باطل.

الحديث عن النوايا وما يخفيه كل إنسان في صدره أمر صعب وغير مقبول، ولا يمكن الاعتماد عليه أو الاعتداد به، كما لا يمكن المزايدة على حب الوطن، فكلنا مصريون ونحب مصر سواء اتفقنا أو اختلفنا في الأسلوب، فلا داعي لدروس الوطنية من أحد ولا محاكمة النوايا من مجموعة ضد أخرى.

كلمة أخيرة: على الجميع (أقول الجميع) أفرادا وهيئات ومؤسسات أن يبتعدوا عن المكاسب الشخصية والمصالح الفردية والنظر بعين واحدة، وعليهم أن يجعلوا مصلحة الوطن وآمال الشعب ونجاح الثورة ومستقبل الأمة هو هدفهم، وألا يكونوا كما وصفهم الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة... وعين السخط تبدي النواقص

وأن يلتزموا قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون". صدق الله العظيم. ( آل عمران 200).

شغلني الحديث عن الحقائق العشر دون التعليق على قرار الرئيس فهل تراني ابتعدت عنه فعلا؟ أم تحدثت فيه؟ للقارئ العزيز وحده حق الإجابة.

back to top