تتبين الرؤية شيئاً فشيئاً في سورية، ويبدو واضحاً الفارق الكبير في التسليح والقوة بين قوات الأسد وما تتمتع به من دعم مالي وتسليحي وقتالي وفني ولوجستي هائل، والجيش الحر الذي لا يملك إلا أسلحة خفيفة أو متوسطة.

Ad

لاشك أن الفارق كبير بل هائل بين الدعم المباشر العلني الذي يصل لجيش الأسد والمعونات البسيطة التي تصل إلى الجيش الحر وبصعوبة واستحياء أيضا! ووضح للعالم أن إيران تضع ثقلها كله لمساندة الأسد، لأسباب طائفية قبل أن تكون سياسية، بل إنها تعتبر المعركة في سورية هي معركتها، أمام جيش حر باسل لا يملك سوى دعم بسيط في مواجهة استكبار إيران وحلفائها.

الإعلام السوري الرسمي يهمش الأحداث إلى درجة أني شاهدت على الفضائية الرسمية لقاء مع مزارعي السويداء بمناسبة موسم حصاد العنب! وكأن المعارك لا تدور رحاها حولهم والدم وصل إلى الركب في تصرف إعلامي غبي وغير مسؤول، وحسنا فعلت جامعة الدول العربية في أحد قراراتها "النادرة" بإيقاف بث مثل تلك القنوات التي تقدم "الدعارة السياسية"! ويبدو أن القرار من بركات "مرسي".

قبل مدة كنت أظن أن العرب وبالذات دول الخليج تدعم الجيش الحر والشعب السوري المسالم الأعزل، وتبين لي أني كنت غارقا بالأحلام، ومع الأسف فقد اتضح أن دولتين فقط تقدمان الدعم المباشر والعلني للجيش الحر، وهما المملكة العربية السعودية وقطر، وإن كان دعما لا يكفي، ولا يساوي الدعم الهائل الذي يقدم من إيران الفارسية للنظام النصيري المدحور بإذن الله.

وأيضا صدمت بقرار وقف المعونات للشعب السوري الذي أصدرته حكومتنا الموقرة وبعذر لا يقبله ساذج، وهو بسبب افتقاد سيطرة وزارة الشؤون على التبرعات, أساسا منذ متى وزارة الشؤون الموقرة تسيطر على التبرعات؟! "كلنا عيال قرية وكلن عارف أخيه". واضح أن القرار سياسي، وواضح أكثر أنه تم بضغط ما، من أين أتى؟ الله العالم.

الشعب السوري الشقيق يتعرض لمحنة إنسانية ويتكبد مصائب الدهر، وتتولى إبادته قوى دولية متنفذة، إما بالمشاركة في القتل والمجازر الجماعية المروعة كإيران الفارسية وحزب اللات، وإما باستغلال أزمات اللاجئين الأشقاء، كما تفعل الدول المجاورة لسورية، أو بالسكوت العلني والمساندة الشفهية من دول تتحين الفرص السياسية مثل الدول العظمى، أو بدول ضعيفة تخشى حتى من ظلها، مثل الدول العربية التي كأن لسان حالها "لا تطلب من الحافي نعال". أعزكم الله.

كنت أتمنى أن تطلب الدول العربية ولو بأضعف الإيمان تطبيق مناطق الحظر الجوي على طيران الأسد، وأظن أن هذا القرار إن تم السعي إليه بإخلاص فسينجح ويقر، حتى يستطيع الجيش الحر أن يتحرك بسهولة ويسر، لكن يبدو أن هناك حسابات أخرى لا نعرفها، أيضا كان بإمكان الدول العربية الضغط على الصين وروسيا، بعدة طرق وبدبلوماسية ذكية حتى تستطيع تحييد تلك الدول عن مساندة طاغية الشام المختبئ في دمشق، وأنا متأكد أنهم إن أخلصوا في سعيهم، فسوف ينجحون في تحييد الصين على الأقل، وفي حال تم تحييدها سيضعف نفوذ روسيا، وتبرز بالأفق وقتها أمور أخرى يمكن أن تبدل المواقف في سياسة فن الممكن.