منذ بداية عام 2012 وحتى الآن والاقتصاد الهندي يعاني النمو المتباطئ والتضخم العالي. وقد اضطر البنك المركزي الهندي إلى إبقاء أسعار الفائدة عالية للحفاظ على مستوى التضخم، وكانت تكلفة هذه الخطوة تراجع مستوى النمو.

Ad

وقال التقرير الأسبوعي للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية إنه وعلى الرغم من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 5.5 في المئة على أساس سنوي في الربع المنتهي في شهر يونيو الماضي، فإن هذا المعدل يشكل تراجعا كبيرا عن معدل النمو الذي يمكن للاقتصاد الهندي أن يحققه والذي يتراوح ما بين 7 في المئة و8 في المئة، وهو ما أحرزه فعلاً في منتصف عام 2000. وكي يتعافى النمو ويصل إلى أقضى امكاناته، ينبغي على التضخم أن يتراجع ليعطي مساحة أكبر للبنك المركزي الهندي لتيسير سياسته النقدية.

واضاف التقرير ان كون الهند دولة مستوردة، فإن حسابها الجاري يشهد عجزاً منهجياً. وكلما زادت أسعار السلع العالمية، زاد عجز الحساب الجاري حيث يصبح حجم السلع المستوردة ذاتها أكثر غلاءً، وهو ما يكون له نتيجتان سلبيتان وهما: ارتفاع مستوى التضخم فيما ترتفع تكاليف ما يتم استخدامه في الإنتاج، وتراجع معدل النمو مع انخفاض مستوى الطلب. وفي الربع الأول من 2012، وصل عجز الحساب الجاري إلى مستوى عالٍ تاريخياً بلغ 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

عجز تجاري

واشار الى ان السبب الأساسي وراء ذلك هو العجز التجاري الكبير بسبب انخفاض الصادرات نتيجة الطلب المنخفض من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأيضاً بسبب ارتفاع الواردات نتيجة لأسعار النفط المرتفعة وللزيادة في واردات الذهب، الذي يعتبر أصلاً آمناً في أوقات الأزمات. وفي الربع الثاني من 2012، تحسن مستوى عجز الحساب الجاري ووصل إلى 3.9 في المئة، إلا أنه مع الطلب المنخفض وأسعار النفط التي تدنّت، كان انخفاض استيراد السلع أكثر حدة من انخفاض الصادرات.

وذكر ان تراجع سعر الروبية كان له تأثير على انخفاض القدرة الشرائية في الهند، لينخفض بذلك الطلب على الواردات بالإضافة الى تراجع الاستهلاك المحلي في كل من قطاعي مبيعات السيارات ومبيعات التجزئة، بالإضافة إلى الاستثمارات.

وبينما يرجع سبب انخفاض عجز الحساب الجاري إلى تباطؤ الطلب المحلي، يبدو التوجه إيجابياً مما يعني أن التضخم سينخفض مع التباطؤ الاقتصادي. وقد ارتفع سعر صرف الروبية الهندية بأكثر من 5 في المئة في الربع الثالث من 2012، مما سيخفف أيضاً من الضغوط التضخمية الخارجية.

تجارة السلع

في الهند، كان الحساب الجاري، الذي يتكون من التبادل التجاري للسلع والخدمات والدخل والتحويلات النقدية، دائماً في عجز وصل متوسطه إلى 5.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماضيين. وكان السبب الرئيسي وراء هذا العجز هو العجز في تجارة السلع، التي بلغ متوسطها 2.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى اعتماد الدولة الكبير على الواردات النفطية، حيث تستورد ما يقارب 80 في المئة من النفط الذي تستهلكه.

ومن جهة أخرى، يخفض الفائض في التبادل التجاري للخدمات، والذي يبلغ في المتوسط 3.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، من عجز الحساب الجاري، بالإضافة إلى الدخل والتحويلات التي تبلغ في المتوسط 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقد تفاقم عجز الحساب الجاري الحالي بسبب أسعار النفط العالية. وشهدت أسعار النفط الخام تذبذباً كبيراً هذا العام، حيث تراوحت ما بين 90 و125 دولاراً أميركياً. وخلال الربع الأول، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، تاركة عجز الحساب الجاري عند مستويات عالية تاريخياً. لكن مع انخفاض الأسعار في الربع الثاني من 2012، تحسن العجز في التبادل التجاري للسلع، وبالتالي تحسن عجز الحساب الجاري. كما تلعب الروبية دوراً مهماً في تحسين عجز الميزان التجاري عبر زيادة القدرة الشرائية للأموال، فارتفاع سعر صرف الروبية يخفف من التكلفة العالية للواردات النفطية.

الطلب على الطاقة

واوضح التقرير ان الهند هي احدى أكثر الدول الآسيوية اعتماداً على اقتصادها المحلي. ولهذا، يسود الاعتقاد بأن الأزمة الأوروبية سيكون لها أثر أخف على الهند منه على الدول الآسيوية الأخرى. ولكن، الطلب الهندي الكبير على الطاقة من الخارج يؤثر في الدولة بشكل خاص. فعندما تضعف الروبية ويزيد عجز الحساب الجاري، يبدأ الدعم الحكومي للنفط بتشكيل عبء على المصروفات الحكومية، مما يزيد من العجز في الحساب الجاري، ليتشكل عندها ما يسمى بالعجز المزدوج. وقد سعت الهند الى مجموعة من الإصلاحات في شهر سبتمبر هدفها تقليل هذا العجز المزدوج الهيكلي، ففتحت الباب للاستثمار الأجنبي في قطاعي التجزئة والطيران، وخفضت من الدعم النفطي، وقللت من الضرائب على ملكيات الديون الأجنبية، مما نتج عنه زيادة في ثقة المستثمرين، كما أدى الى التدفق الكبير في سوق الأسهم الهندي، والذي كان الأعلى منذ سبعة أشهر، إلى رفع سعر صرف الروبية الهندية في سبتمبر.