«دقة» ماكينة أوباما أكسبته الرهان... و«الجمهوري» بحاجة إلى التجدد
• فوتليك: إدارة أوباما ستتابع دعم دول الربيع العربي • نيوسنر: أميركا باتت أكثر تنوعاً عرقياً
تزامناً مع إعلان نتائج الانتخابات الأميركية عبر وسائل الإعلام العالمية تباعاً مع تقدم الفرز في كل ولاية من الولايات المتحدة منذ ساعات الصباح الأولى أمس، والتي أسفرت عن فوزٍ كبيرٍ للرئيس الأميركي باراك أوباما بولاية ثانية متتالية على منافسه الجمهوري ميت رومني، نظمت السفارة الأميركية في الكويت مؤتمراً صحافياً عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مباشرةً من العاصمة واشنطن.وشارك في المؤتمر كل من المساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي الأسبق الديمقراطي بيل كلينتون، جاي فوتليك والرئيس السابق لكاتبي الخطابات الاقتصادية والمحلية للرئيس السابق الجمهوري جورج دبليو بوش، نوعام نيوسنر، بالإضافة إلى طاقم السفارة الإعلامي وعدد من الصحافيين من مختلف وسائل الإعلام المحلية، وذلك للإحاطة بمختلف جوانب الانتخابات الأميركية ومدى تأثير نتائجها على الداخل الأميركي والشرق الأوسط.
وبعد الترحيب والتعارف، أطلق فوتليك النقاش بالإشارة إلى أنه ونيوسنر لم يتوقعا أن يكونا متيقنين من حسم النتيجة في هذا الوقت المبكر من يوم أمس، بسبب توقع معظم الخبراء والمحللين أن تطول عملية الفرز بسبب التقارب الشديد الذي كان متوقعاً في استطلاعات الرأي بين المرشحين.فعالية ديمقراطيةفي المقابل، أشاد نيوسنر بدقة تنظيم وفعالية حملة الحزب الديمقراطي، وبشخصية الرئيس أوباما الذي تمكّن من تفعيل وتنشيط مناصريه الأوفياء على الخروج مرة ثانية والتصويت بنسب قياسية لمصلحته وفي مقدمهم الأميركيون من أصل إفريقي، النساء (العازبات بشكل خاص) واللاتينيون بالإضافة إلى الناخبين الشباب تحت سن الـ35 . وأشار نيوسنر إلى أن "ذلك لا يعني بالضرورة أن أوباما كسب التصويت الشعبي، وحتى إن فاز فيه فلن يكون بفارق كبير، إلا أنه فاز في الأماكن التي يحتاجها لضمان تفوّقه في الولايات التي منحته الفوز بأكبر عدد من الناخبين الرئاسيين وبالتالي تجديد الرئاسة".من جهته، استطرد فوتليك في الحديث عن مدى تأثير المناظرة الأولى، "إيجابياً على الحملة الجمهورية وإنعاش حظوظ ميت رومني في السباق الرئاسي، وسلبياً على الفريق الديمقراطي، إلا أنني فوجئت أثناء حديثي خلال النهار الانتخابي مع مسؤولين في حملة أوباما، ثقةً كبيرة بالنفس العائدة إلى ثقتهم بالعمل المبذول على الأرض مع الناخبين ودقتهم في استقطاب الشرائح الناخبة التي يستهدفون نيل دعمها. واستمروا بالقول خلال النهار أن لا شيء مفاجئا مما يحصل، وأن النتائج تظهر تباعاً كما توقعوها".من جهة أخرى، أشار نيوسنر إلى التبدلات التي تطرأ على السياسات الأميركية كل أربع سنوات، فهذه الانتخابات مهّدت لعناوين سياسية جديدة ستؤثر على طريقة تفكير السياسيين الأميركيين والمراقبين والمحللين، وذلك يعود إلى أن الولايات المتحدة باتت أكثر تنوعاً من الناحية العرقية، بسبب تزايد أعداد المهاجرين من مختلف البلدان العالم، كالأفارقة واللاتينيين والآسيويين الذين صوّت أكثريتهم لصالح أوباما.ولفت نيوسنر إلى الأهمية المتعاظمة لفئة الناخبين الشباب، فدعم المواطنين المتقدمين في السن لرومني لم يفده كثيراً، فهو لم يتمكن حتى من الفوز في فلوريدا وبنسيلفانيا، حيث يشكّل هؤلاء نسبة كبيرة من المصوّتين. وأضاف أنه "في ظل هذه المتغيرات يجب على الحزب الجمهوري إدارة الحملة الانتخابية بشكل صحيح، ويمكن تشبيه ذلك بإدارة أي مشروع اقتصادي، فيجب أن تكون لديك استراتيجية تسويق ناجحة وفريق قوي من الباعة وتوسيع قاعدة الزبائن، كما فعلت حملة الرئيس أوباما".السياسة الخارجيةولدى سؤاله عن مدى تأثير فوز الرئيس الأميركي بولاية ثانية على السياسات الخارجية بخاصة تجاه منطقة الشرق الأوسط، أعاد فوتليك التذكير بالمناظرة الثالثة بين أوباما ورومني التي أتت وجهات النظر فيها متقاربة إلى حد كبير، لدرجة أن بعض المحللين كان يمازح قائلاً أنه لو أُعيد انتخاب الرئيس أوباما لكان سيأخذ في الاعتبار تعيين رومني كوزير للخارجية.وأضاف: "لذلك اعتقد أن ما سنراه في الولاية الثانية هو متابعة للسياسات التي كانت معتمدة في الولاية الأولى. لاسيما في مقاربة ملف الربيع العربي والوضع في سورية والملف النووي الإيراني". كذلك، أكد نيوسنر على توافق الحزبين الأميركيين الكبيرين على السياسات الخارجية حيث سيتابعان العمل معاً لمعالجة تلك الملفات.وتابع قائلاً: "كوني عملت مع الرئيس بوش في ولايته الثانية، أعتقد أن الرئيس الذي يفوز بولاية ثانية يشعر بدرجة من الحرية في مقاربة ملفات صعبة، إذ لم يعد تحت ضغط الخضوع لانتخابات أخرى، فذلك قد يسمح نظرياً للرئيس أوباما في التعامل مع عدد من المواضيع الشائكة بشكل أكبر، لاسيما مسألة السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل وجيرانها بشكل خاص".في المقابل، لفت فوتليك إلى مسألة اختيار الرئيس الأميركي في ولايته الثانية" لكيفية استثمار رصيده السياسي وكم من الموارد يريد صرفها على السياسات الخارجية في مقابل السياسات الداخلية وما هو الإرث الذي سيقدمه للبلاد في السنوات الأربع الأخيرة من حكمه. وبما أن الحملة الانتخابية تمحورت حول الملف الاقتصادي، أعتقد أن الرئيس سيركز على الداخل بشكل أساسي، كما سيكون عليه الأخذ في عين الاعتبار نتائج انتخابات الكونغرس، حيث لا يزال مجلس النواب في يد الجمهوريين في حين يسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ، إلا أن ذلك لا يعني أن إدارته ستهمل ملفات السياسة الخارجية بل ستتابع الدفع في اتجاه حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين والشؤون الأخرى".من جهته، اعتبر نيوسنر أن حل الدولتين يجب أن يتم برضى الفلسطينيين ومختلف دول المنطقة وأن يكونوا مرتاحين لمسألة نشأة الدولة الفلسطينية.التراجع الجمهوريعلى صعيد آخر، ورداً على سؤال لـ"الجريدة" حول قدرة الحزب الجمهوري المتراجع في المنافسة الانتخابية على الصعيد الوطني، رأى نيوسنر أن على الحزب إجراء مراجعة عميقة ومواجهة تحدٍّ كبير لإعادة تفعيله وتنشيطه والتقرّب من المجموعات العرقية التي يتعاظم دورها بشكل أكبر، إلا أنه أشار إلى أن النظام الانتخابي الأميركي القائم على الثنائية الحزبية يعني أن أحد الحزبين سيؤدي بشكل سيئ لفترة من الزمن ثم سيعود ويصحح مساره لاحقاً، معبراً عن ثقته في قدرة الحزب الجمهوري على فعل ذلك. وأضاف: "لذلك لن أستغرب إن دعم الحزب الجمهوري في السنتين القادمتين قادة متنوعين عرقياً مثل ماركو روبيو وسوزان مارتينز كما سيزداد عدد أعضاء الحزب من السود. ويجب بالتالي على الحزب الجمهوري تبني رسالة أمل، حيث يمكن لأي إنسان بغض النظر عن عرقه من تحقيق حلمه الأميركي".من جهته، أشار فوتليك إلى نتائج التصويت الشعبي التي تشير إلى تعادل تقريبي بين المرشحين الأمر الذي يشير إلى الانقسام العمودي بين أفراد الشعب الأميركي، مشدداً على الدور السلبي الذي لعبه "حزب الشاي" (الجناح الجمهوري المتطرف) والذي أدى إلى خسارة الحزب المعارض مقاعد مهمة في مجلس الشيوخ.العلاقة مع العالم الإسلاميمن جهة أخرى، وفي رده على سؤال بشأن تطور العلاقات الأميركية بالعالم الإسلامي، رأى فوتليك أن أوباما اهتم منذ بداية ولايته الأولى بشكل كبير بتنمية هذه العلاقات، خصوصا في خطابه بجامعة القاهرة، وبعدها بدعمه للربيع العربي، متوقعاً استمرار ذلك في الولاية الثانية.إلى ذلك، قال فوتليك أن إدارة أوباما تعاطت مع دول الربيع العربي كل على حدة، بسبب الخصائص التي تميّز هذه الدول عن بعضها البعض، وستتابع بمساعدة هذه الدول اقتصادياً عبر المعونات أو الاستثمارات الموجهة.أما بالنسبة، إلى التقارير التي تحدثت في الآونة الأخيرة عن العلاقة الشائكة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودعم الأخير لرومني، إن كان ذلك سيؤثر على العلاقة بين العلاقات بين الإدارتين، شدد فوتليك على أن الشعب الأميركي لا يستسيغ أن يتدخل أحد في انتخاباته، إلا أن التوترات الطفيفة بين الرجلين لا تؤثر بشكل كبير على العلاقة المتينة والعميقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف أنه "للمفارقة، إن نظرنا إلى أرقام الناخبين اليهود في مختلف الولايات الأميركية، نرى أنهم المجموعة البشرية الثانية الأكثر ولاءً للرئيس أوباما بعد الأميركيين من أصل إفريقي".