في أحد المجالس التي جمعتنا منذ عدة أيام طرح أحد الحضور سؤالاً حول الأسباب التي تدعو أعضاء مجلس الأمة إلى التسابق على تقديم الاستجوابات للوزراء، وخاصة الجدد منهم والذين لم يتموا المدة اللازمة التي تتيح لهم التعرف على طاقم الوزارة وهيكلها التنظيمي، وأوجه القوة فيها، وأوجه القصور وحول هذا التساؤل دار حديث موسع شارك فيه كثير من الحاضرين، وجدت من الفائدة أن ألخصه لكم في هذه الأسطر علكم تجدون فيه ما يدعوكم إلى التفكير في أسباب أخرى قد تكون غابت عن أذهاننا.

Ad

1ـ فرق المجتمعون بين دوافع استجوابات الأقلية ودوافع استجوابات الأكثرية، فذهب أكثر الحاضرين إلى أن استجوابات الأقلية التي قدمت حتى الآن دافعها إحراج الأكثرية وحرق جسور التعاون بينها وبين الحكومة، وإنهاء فترة الهدنة والدفع في تعجيل الانتخابات المبكرة علها تأتي بتركيبة أخرى تزيد من أعدادهم وهذا وضح جلياً في الاستجوابين اللذين قُدما لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية اللذين افتقدا أدنى مستوى للإعداد واختيار المحاور وجدية الطرح.

2 ـ أما الاستجوابات المقدمة من أعضاء داخل كتلة الأغلبية فقد فسرها الحاضرون بالآتي:

ـ ثقة كل عضو من أعضاء الأغلبية بأنه قادر على إسقاط أي وزير يقف أمام تحقيق رغباته ويعارض مشاريعه وتوجهاته استناداً إلى الرقم المضمون في جيبه لطرح الثقة في أي وزير مستجوب.

ـ خوف بعض أعضاء الكتلة من الانشقاقات الداخلية التي قد تعصف بها وتشق صفها وتضعف قوتها مما دفعهم إلى الإسراع في تقديم استجواباتهم استباقاً لذلك واستغلالاً لترابطها الحالي.

ـ رغبة بعض الأعضاء وخاصة الجدد منهم في تسجيل اسمه في قائمة الأعضاء المستجوبين، الذين كانوا سبباً مباشراً في إسقاط وزير ما، واعتقادهم الجازم بأن ذلك سيزيد من أرصدتهم الشعبية استعداداً لأي طارئ.

ـ اعتقاد البعض بأن الحل قادم لا محالة وأن الانتخابات المبكرة أمر حتمي اعتماداً على القراءة السياسية لنتائج الانتخابات الماضية والتي أنتجت مجلساً تشكل فيه المعارضة أغلبية كاسحة، وتجارب الدول البرلمانية في كل أنحاء العالم تدل وبشكل لا يرقى إليه شك بأن منطق الأمور يشير إلى قرب الحل والدعوة إلى انتخابات مبكرة، فالاستجوابات عبارة عن ضربات استباقية لقرار الحل.

هذا بعض ما دار في تلك الجلسة أحببت أن أنقله لعل القارئ اللبيب يجد فيه ما يفيده.