لا أظن أن خبراً أدى دور «الدعاية المضادة» لسلعة كما فعل الخبر الذي تولى صديق تعميمه حول كتاب سينمائي جديد بعنوان «جيل هنيدي... وحكاية التمرد على كبار نجوم السينما»؛ فالخبر الذي يُفترض أن يروج للكتاب فعل العكس تماماً عندما أقر بأنه يحتوي على عشرة فصول تتناول مسيرة الجيل الحالي لنجوم السينما المصرية منذ بداية بطولاتهم مع الفيلم، الحدث، «صعيدي في الجامعة الأميركية» عام 1998 والذي «فتح» باب البطولات لجيل جديد من النجوم سيطروا على السينما المصرية وفي الوقت نفسه بدأ اختفاء النجوم القدامى لهوليوود الشرق، باستثناء النجم عادل إمام الوحيد الذي ظل في دائرة المنافسة للنجوم الجدد.
يتناول الخبر أيضاً شهادات لمجموعة من أهم مخرجي الجيل الحالي عن أفلامهم ورأيهم في النجوم الجدد وكيف تعاملوا معهم، ومميزات وعيوب الجيل الحالي. كذلك يحلل منافسات مواسم السينما خلال العشر سنوات الماضية، ولعبة الكراسي الموسيقية بين الكوميديانات الجدد على قمة شباك التذاكر، وأبرز سلبيات النجوم الجدد التي لخصها مؤلف الكتاب في تراجع البطولة النسائية؛ حيث أصبحت البطلة في هذا الجيل مجرد «سنيدة» لنجوم الكوميديا.صياغة ركيكة لخبر مُنفر يصيب القارئ بالاكتئاب، ومضمون يشي بارتباك الكتاب ومؤلفه أحمد فرغلي رضوان، ويبعث على التشاؤم، وإذا كانت الموضوعية تدعونا إلى الانتظار حتى موعد طرح الكتاب في الأسواق لقراءته وتحليله وتفنيد ما جاء بين دفتيه، فإن «الكتاب يبان من عنوانه» كما يقولون (بتصرف) في الأمثال الشعبية المصرية؛ إذ كيف يتأتى لنا أن نبتاع كتاباً تؤكد «دعايته» أن مؤلفه يبني «نظريته» على أن فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» (إنتاج 1998) «قلب خريطة السينما في هوليوود الشرق رأسا على عقب» (!) وأنه «الفيلم - الحدث الذي «فتح» باب البطولات لجيل جديد من النجوم سيطروا على السينما المصرية»(!)... و{استطاعوا إعادة الحياة إلى صناعة السينما المصرية التي كادت أن تتوقف» (!) بينما الحقيقة التي يُدركها أي هاو مبتدئ، لا فحسب الباحث السينمائي المُدقق، أن فيلم «إسماعيلية رايح جاي» (إنتاج 1997) هو الذي «كان بمثابة نقطة تحول فارقة في تاريخ السينما المصرية»، وإليه يعود الفضل في «إعادة رسم استراتيجية جديدة للصناعة»، بعد تحقيقه إيرادات بلغت 15 مليون جنيه مصري، وهو ما لم يتحقق لأفلام عادل إمام التي كانت تحقق آنذاك سبعة ملايين على أكثر تقدير، ما شجع رجال الأعمال على الاستثمار في صناعة السينما باعتبارها سلعة رائجة» .حقيقة مؤكدة تمثل نقطة انطلاق لأي باحث في السينما المصرية، لكن مؤلف الكتاب الجديد «جيل هنيدي.. وحكاية التمرد على كبار نجوم السينما» تجاهلها، وبنى دراسته على معلومة باطلة تقول إن فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» هو «الحدث» و{الفتح السينمائي»، ما يهدم الكتاب من أساسه اعتماداً على مقولة «ما بني على باطل فهو باطل»، كذلك يطرح في الوقت نفسه أكثر من علامة استفهام حول بقية المعلومات التي يقدمها الكتاب، وتُشكك في مصداقية نتائجها.يؤكد هذه المخاوف ما جاء في «الخبر الدعائي» بأن الكتاب يرصد منافسات المواسم السينمائية وإيراداتها، التي زاحم فيها «هنيدي» ورفاقه النجوم الكبار في العشر سنوات الماضية، بينما كان على الكاتب، كي يتوصل إلى نتائج دقيقة نطمئن إليها، أن يرصد ما يقرب من 15 سنة هي عمر أبناء الجيل على الساحة السينمائية.أما الإشارة إلى أن الكتاب الجديد يتطرق إلى منافسة المطربين لنجوم السينما، وحجم ما حققه المطربون بسببها فهو موضوع آخر لا علاقة له بكتاب عنوانه «جيل هنيدي.. وحكاية التمرد على كبار نجوم السينما»، ما يعيد التأكيد بأننا حيال مصنف عبثي يعكس تخبط كاتبه، ورغبته اليائسة في الحشو والثرثرة أملاً في أن يضع اسمه على غلاف كتاب مهما كان المضمون سطحياً وفارغاً ويجمع شتات الأفكار.«دعاية مضادة» أغلب الظن أنها ستكون سبباً في تفكير كل عاقل أو راغب في الثقافة السينمائية الحقيقية ألف مرة قبل الإقدام على خطوة شراء كتاب {جيل هنيدي.. وحكاية التمرد على كبار نجوم السينما»، ومقاطعته إذا لزم الأمر، كي لا ينال شرف الانضمام إلى المكتبة السينمائية التي تحوي الكتب الرصينة وتضم الكتاب الجادين.
توابل - سيما
الدعاية المضادة
27-08-2012