لم يكن مقنعاً بالنسبة إلي ما بقي يردده نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الذي اضطر إلى "الفرار بجلده" ليصبح لاجئاً سياسياً في تركيا، مِنْ أنه ليس إرهابياً، وأن هذه الحكاية ملفقة من أولها الى آخرها لدوافع وأسباب "مذهبية" إلى أنْ أُبلغت، أنا العبد الفقير إلى الله، والذي لم يُسِلْ في حياته حتى دم عصفورٍ صغير، بأن فضائية عراقية "طائفية" من الوزن الثقيل، أغلب الظن أنها على صلة وثيقة بقائد فيلق القدس قاسم سليماني، بقيت منذ عشرة أيام تتجول نحو ساعة ونصف في شوارع بغداد، وتسأل المارة عن رأيهم بـ"صالح القلاب"، "الذي يُعلن أنه يقف وراء العمليات الإرهابية المتجولة والمتنقلة في كل الأراضي العراقية!".

Ad

ويبدو حسب ما نُقل إليَّ أن هناك "دبْلجةً" لصوتي وصورتي من قبل الفيلق "الإلكتروني الباسل" الذي أشبعه الرئيس السوري بشار الأسد تمجيداً ومدحاً، وأنا "أتبجَّح" بأنني وراء الأعمال الإرهابية التي تذرع بلاد الرافدين بالطول والعرض، وكل هذا بينما يدرك كل الذين يعرفونني أنني من الوداعة والخوف من رؤية الدماء إلى حدِّ أن "القطة تأكل عشاي"! وأنني بالنسبة إلى العراق وإلى أي بلد عربي آخر قد لا يعجبني نظامه وقد لا أستسيغ رؤية صور حكامه، ولكنني أضعه في بؤبؤ العين.

ولهذا فإنه لابد من الإشارة، بالنسبة إلى هذا الأمر، أن القصة ليست قصة رمَّانة، ولكنها قصة "قلوب مليانة"، وأن من لجأ إلى "فبركة" تهمة إرهابية، وألصقها بنائب رئيس جمهورية بلده الذي هو طارق الهاشمي ليتخلص منه وليغتاله سياسياً، غير مستغرب منه أنْ يحوِّل كاتباً معروفاً ومعروفة مواقفه حتى في ذروة جبروت صدام حسين ونظامه إلى إرهابي وممول للإرهاب... والعياذ بالله. وحقيقة أنه من المؤكد أن العراقيين الذين تابعوا "استطلاعات" هذه الفضائية "المجاهدة"! المشار إليها آنفاً في شوارع بغداد قد "فَرْقَعوا" من الضحك حتى استلقوا على ظهورهم!

والحكاية هنا... أن الأستاذ نوري المالكي الذي كنت عندما أذكر اسمه الأول "جواد" أتوسّم فيه خيراً والذي كنت قد رفضت تهمة "الطائفية" وتهمة "التبعية" ليس للولي الفقيه أدام الله ظله فحسب، بل ولقائد فيلق القدس قاسم سليماني أيضاً والذي غدا بعبع هذه المنطقة، إنْ بحق وإنْ بدون وجه حق، التي ألصقت به، وهو ابن قبيلة عربية كريمة معروفة قد خيّب ظني وظن بعض أقرب المقربين إليه عندما دفعته متطلبات الوصول إلى هذا المنصب الذي وصل إليه والبقاء فيه إلى السقوط في المستنقع المذهبي والطائفي. وهذا ليس تجنياً ويعرفه هو نفسه، ويقوله حتى السيد مقتدى الصدر، وربما أيضاً آية الله العظمى علي السيستاني، إضافة إلى معظم القادة السياسيين العراقيين وبعض مرجعيات جبل عامل اللبنانية من الطائفة الشيعية الشريفة.

إنه ليس عيباً أن يكون الإنسان وفيّاً لطائفته، وبخاصة إذا كانت مظلومة ومضطهدة، لكن العيب كل العيب أن يكون طائفياً ومذهبياً، وعلى وجه التحديد إنْ كان يحتل الموقع الفعلي الأول في بلده. ثم إن العيب كل العيب أن يتدنى الخلاف السياسي إلى حدِّ "فبركة" التهم الجائرة كتهمة الإرهاب التي أُلصقت بنائب رئيس جمهورية العراق الأستاذ طارق الهاشمي، والتي أُلصقت بي أنا الذي يعرف ماضيِّ وحاضري، الذي لاشك أن الأستاذ نوري المالكي يعرفه معرفة جيدة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بعض مستشاريه الذين كنت أنتسب وإياهم إلى حزب واحد ما لبثنا أنْ غادرناه في وقت مبكر عندما تأكدنا أن شعاراته الجميلة تخفي نزعة ديكتاتورية دموية وشمولية قاتلة ومدمرة. فهل أنا يا ترى إرهابيٌّ فعلاً؟!