الآن... دائماً الآن!
![حمد نايف العنزي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461947116815412800/1461947124000/1280x960.jpg)
وكان من أجمل العبارات الواردة في المناظرة النهائية حين قال طالب هارفارد: أنا أعترف بذلك، الكثير من البيض مصابون بمرض الكراهية العرقية، وبسبب التمييز العنصري سيكون من المستحيل أن يكون زنجياً سعيداً في جامعة جنوبية اليوم، الوقت سيأتي حين سيمشي البيض والسود في نفس الجامعة وسنتشارك نفس الصفوف... للأسف هذا اليوم ليس اليوم! فجاءه الرد صاعقاً من خصمه الأسود: تقول إن اليوم ليس اليوم ليتشاركوا نفس الجامعة، هلا أخبرتني من فضلك متى سيأتي هذا اليوم؟ هل هو غداً أم الأسبوع المقبل أم بعد مئة سنة، أم لن يأتي أبداً؟ لا... وقت العدالة، ووقت الحرية، ووقت المساواة هو دائماً... دائماً الآن"! إذن... لا انتظار في تحقيق العدالة بين الناس في الحقوق ليوم أو ساعة أو دقيقة، بل الآن والآن دائماً، هذا هو الحق والعدل والإنصاف، لا يعترض عليه الا إنسان بلا مبادئ أو إنسان ذو مصلحة، أو الاثنان معاً!وقد كنت أشاهد جدلاً دائراً على أحد البرامج التلفزيونية حول مرسوم الضرورة الذي أصدره سمو الأمير اجتهاداً منه ورغبة في تقليل الأضرار والمفاسد التي أصابت البلد طوال السنوات الست الماضية والتي تمت فيها الانتخابات على نظام "الدوائر الخمس والأصوات الأربعة" وأثبتت فشلها في المخرجات الطائفية والقبلية والفئوية، وكان المتجادلان بين قائل بوجود ضرورة وقائل بانتفائها، وقد قام كل منهما بأخذ ما يشتهي من "بوفيه" الفتاوى الدستورية التي تسند رأيه، وراحا جاهديَّن يحاولان تطويع النصوص الدستورية لمصلحة كل منهما، والاثنان ذوا مصلحة انتخابية بين مشارك ومقاطع، ومن الصعب أن يقنعك صاحب مصلحة مهما كانت حججه وبراهينه الدستورية!الواقع أنني حسمت رأيي منذ زمن في هذه القضية متبعاً ضميري ومبادئي قبل أي اعتبار آخر، وقد وجدت من الصعب عليّ "أخلاقياً" تأييد طرف يسعى لاستمرار نظام جائر للانتخاب لم نجنِ منه سوى المرّ والحنضل وتم فيه تهميش فئات من المجتمع وسيادة فئات أخرى دون حق أو ذرة من العدل والإنصاف بدعوى الخوف من أن تستمرئ الحكومة "مستقبلاً" إصدار المراسيم لتتفرد بالسلطة، أي القبول بشر موجود تجنباً لشر محتمل، وكان من الصعب أن أساير القوم مطالباً بعودة نظام "الأصوات الأربعة" ليقرر أصحابه بأنفسهم استمرار الظلم لأربع سنوات قادمة... على الأقل!لا أيها السادة، فكما جاء على لسان أحد أبطال الفيلم: "وقت العدالة، وقت الحرية، ووقت المساواة هو دائماً... دائما الآن"، ولذلك، في نظري، مرسوم الصوت الواحد كان ضرورة مستحقة ملحة بعيداً عن المصالح الانتخابية والتفاسير الدستورية، فالضمير والأخلاق والحق والإنصاف هي التي أعطته صفة الضرورة، وفي ذلك كفاية... لي على الأقل!