سلم مرسي على الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بحرارة، وألقى كلمة متزنة في مؤتمر قمة عدم الانحياز بطهران، منتقداً ممارسات النظام السوري نحو شعبه، ووصفه بالنظام الظالم، ولم يكترث الرئيس المصري، عضو حركة الإخوان المسلمين، بمواقف الجمهورية الإيرانية الداعمة للنظام السوري، وعبر مرسي بكلماته القوية عن مأساة الشعب السوري مع نظامه المتسلط، وانتصر مرسي لقضية الحرية والديمقراطية، وملك عقول وقلوب الكثيرين، إخواناً كانوا أم غيرهم، من المؤمنين بحريات الشعوب.

Ad

لم يقل الرئيس المصري القيادي بحركة الإخوان بعد مصافحته للرئيس الإيراني إنه نادم على السلام، وإنه غسل يده سبع مرات إحداهن بالتراب وكأن نجاسة ما أصابته. كان مرسي جريئاً شجاعاً قوياً واثقاً من نفسه، مستنداً بذلك إلى إرادة الشعب المصري التي أوصلته إلى الرئاسة، ولم يكن بحاجة إلى المزايدات العنترية.

لماذا لا يتعلم كثير من القياديين الإسلاميين في الكويت من إخوانهم المصريين الذين دفعوا أثمانا غالية من حرياتهم عبر تاريخ طويل من القمع والاضطهاد لحركتهم، قبل ثورة يوليو وبعدها، لماذا "ثقافتهم" هناك -في مصر- منفتحة "نسبياً"، إذا قارناها مع ثقافة الانغلاق والتعصب الطائفيين وكره الآخرين عند عدد من الإخوان بالكويت، ولا أشملهم كلهم. ليس مرسي "ستيوارت مل" فيلسوف الليبرالية الإنكليزي، وليس هو فولتير الذي يختلف معك لكنه سيدافع بحياته من أجل أن تقول كلمتك، ليس مرسي ولا راشد الغنوشي في تونس هذا أو ذاك، لكن إن وضعنا أياً منهما على مسطرة النائب الحربش أو الوعلان فسيكون مرسي "غاندي" مصر، وسيكون الغنوشي الذي رفض تعديل الدستور التونسي لتكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع توماس جيفرسون.

هموم هؤلاء القادة الإسلاميين الجدد في مصر وتونس تبدو حتى الآن هي إزاحة ركام عميق من تاريخ الاستبداد في دولتيهما، همهما الوضع الاقتصادي البائس بعد عقود من النهب المبرمج من الأنظمة الحاكمة السابقة. الجوع والفقر والطغيان والفساد هي قضاياهما الكبيرة. ماذا يدور في رؤوس مشايخ الحركة الدينية في الكويت، غير تصفية الآخرين! كل شيعة الكويت هم طابور خامس، وهم مدانون حتى تثبت براءتهم، كل الليبراليين (أكرر ليس كل ممثلي الحركة الدينية) عندهم فاسدون، ملحدون، دعاة رقص وطرب ومجون. طبعاً بين ثنايا الخطاب الإسلامي لا بد أن يضع هؤلاء القادة المتعصبون "شوية بهارات" في قدورهم وطبخهم، فالمال العام والمفسدون والدستور والعادات والتقاليد الحميدة هي الكركم والهيل والفلفل والزعفران حتى يهضم الناس طبخهم "البايت"، وبفضل تدني الوعي السياسي والثقافة التي أضحت سخافة ببركة هيمنتهم الممتدة على الحياة الثقافية والاجتماعية بلع و"زلط " الناس أكلهم. وانتهينا إلى هذه الحال المخيفة المتمثلة في مجتمع صغير غابت عنه روح التآلف والوحدة الوطنية لتحل محلها النزعات الطائفية والعرقية.

كلمة أخيرة، نقولها لهؤلاء "الملاقيف"، إن الإنسان الكويتي الحر الواعي لابد أن يتعاطف ويساند الشعب السوري في نضاله، ويحلم بشعلة الحرية تتوهج في الأوطان العربية، لكنه لا يقبل أن تحملوا أصابع الديناميت الطائفي لتفجروها في وطننا الصغير. انتبهوا...