كلنا معرضون للتوتر والقلق، وإن حصل ذلك بنسب متفاوتة، تأكدي أنه ليس بعار ولا بقضاء وقدر. بفضل النصائح التالية، يصبح من الممكن التغلب على الفشل وتصحيحه والحد منه من دون اللجوء إلى الكيمياء، لا سيما إذا كنت ذات طبع انفعالي، متوتر، يعاني الأرق والتعب دائمًا...

Ad

أصبح الحفاظ على الهدوء سلوكًا أشبه بالحلم ويتحول مع مرور الوقت إلى مسألة مستحيلة. هذا ما لاحظه عدد كبير من الأطباء النفسيين الذين يشهدون منذ أربع أو خمس سنوات ارتفاعًا واضحًا للتوتر والقلق لدى الناس. يعود السبب إلى اقتران ظاهرتين: أولاً، تضخم مصادر التوتر مع ازدياد الضغوطات والقيود المهنية والعائلية والعاطفية والمجتمعية... وثانيًا، انخفاض قدرات المواجهة والتكيف بسبب الانعزال المتزايد.

نضيف إلى ذلك، طبع الإنسان الذي يريد أن يكون الأفضل على الإطلاق وأن يحبه الجميع ولا يتقبل استحالة ما يطلبه. فتبين أن طريقة التعبير عن القلق مرتبطة بطبع كل إنسان. إلا أنه من الخطأ تجاهل الشعور بالانزعاج الذي يبدأ بتلويث الحياة اليومية وتقبله كما لو كان حتميًا أو الاعتقاد بعدم التأثر فيه.

في الواقع، كلما استسلمنا لهذا الشعور، نزيد خطر تحوله إلى مشكلة مزمنة. ويخطئ من يقرر بشكل تلقائي التوجه إلى الأدوية لتصحيح الأمر. فبحسب الأطباء، بالنظر إلى التأثيرات الجانبية التي تترتب على تناول الأدوية، خصوصًا خطر الإدمان، من الأفضل تجنبها، إذا كان الأمر ممكنًا.

يقترح عليك هذا المقال تقييم التوتر والقلق، ثم يقدم لك مجموعة من الحلول «الطبيعية».

ما عليك إذًا سوى المثابرة، فالمسألة تتطلب بعض الوقت للخروج من دائرة التوتر والقلق المفرغة. وستلاحظين بعد قليل من الوقت أن حياتك ستتغير فعلاً...

أريد إجادة التحكم بعواطفي

التفكير والغضب هما أحيانًا ثمرة القلق والتوتر المفرط. إليك وسائل تساعدك على استعادة الهدوء والسكينة.

- لا أتوقف عن التفكير في المشاكل.

«لا أحد يفهمني»، «أنا المذنبة دائمًا»... كلها أفكار سلبية يولدها القلق وتزيد من حدته لأنها تؤدي إلى تصرفات غير ملائمة.

● إذا أردت القيام بعمل بنفسك، لا تترددي باللجوء إلى تقنية الوعي التام. يهدف تيار التأمل هذا إلى تبديد الأفكار السلبية التي تسكننا من خلال التركيز على الوقت الحاضر عن طريق التنفس والأحاسيس الجسدية. ويفضل القيام بذلك بمساعدة متخصص يقدم لك الارشادات اللازمة. ينصح معظم الخبراء بالخضوع إلى برامج تمتد من ثماني إلى عشر جلسات أسبوعيًا، وتتراوح بين ساعتين وساعتين ونصف الساعة.

● تمرين مقترح: اجلسي واغلقي عينيك وتنفسي بعمق وركزي لبعض الدقائق على كل عضو من جسدك.

● إذا كنت تفضلين المتابعة الطبية، ننصحك بالعلاجات السلوكية والمعرفية. تمرّ هذه العلاجات النفسية أولاً من خلال تحديد العوامل المقلقة والعواطف وحتى العوارض الجسدية التي تتسبب بها. ثم، تطول من خلال اعتماد استراتيجيات تعدل الطريقة اللازمة لمواجهة هذه العوامل عندما تظهر والاستجابة إليها من خلال سلوك أكثر تكيفًا. على سبيل المثال، إذا تخيلت الأسوأ عندما يتأخر ابنك في العودة إلى البيت، تعتمد الاستراتيجية أولاً على إدراك أن هذه الفكرة غير مفيدة أصلاً وليست مبنية على أسس واقعية. ثم، اعملي على الحد من هذا التفكير من خلال التركيز على التنفس.

● ماذا عن عدد الجلسات؟ يمتد معظم العلاجات السلوكية والمعرفية من ثلاثة أشهر إلى سنة ولا تتم الاستفادة منها تمامًا إلا بمساعدة طبيب نفسي.

- أغضب بسرعة

غالبًا ما يولد الغضب الذي تصعب السيطرة عليه الهلع والعدوانية وفرط الحركة وحتى العنف ضد الذات وضد الآخرين.

● لأجل تعلم الحد من الغضب: الترابط القلبي. تستخدم هذه التقنية تمارين التحكم بالتنفس بهدف تثبيت اختلافات معدل ضربات القلب. عندما تتم السيطرة عليها، يمكن استخدامها في أي ظرف كان، ما إن يطلق جرس الإنذار.

● كيفية ممارسة التمرين: يتم التعلم بمساعدة ممارس متدرب ومزود بجهاز الارتجاع البيولوجي الذي يسمح بتصور التأثير الحالي للتمارين على ضربات القلب حتى التوصل إلى التحكم الذاتي. تكفي متابعة جلسة أسبوعية لمدة خمسة إلى ثمانية أسابيع، لكن من الضروري المثابرة على التمارين بالطبع.

● تمرين مقترح: تنفسي لمدة 5 دقائق من خلال البطن، أربع ثوان للشهيق وست ثوان للزفير. تمرني بانتظام لأجل التمكن من استخدام تمرين التنفس المهدئ هذا بشكل فوري.

● لأجل تصريف الغضب جسديًا: تمرين الهدف. ينقسم تمرين السوفرولوجيا هذا إلى أربع مراحل:

-1 في وضعية الوقوف، ارسمي ذهنيًا دائرة أمامك وتخيلي أنك تضعين مشاعر الغضب كلها داخلها.

-2 تنشقي الهواء من خلال الأنف في الوقت الذي تعتمدين فيه وضعية إطلاق القوس، من خلال مد ذراع إلى الأمام وتسكير المعصم وطي الذراع الأخرى ومدها إلى الوراء.

-3 احبسي أنفاسك قليلاً، ثم ازفري الهواء من خلال الفم في الوقت الذي تمدين فيه الذراع المطوية إلى الأمام كما لو أردت ضرب الهدف والتخلص من غضبك.

-4 كرري هذا التمرين ثلاث مرات مع الذراع اليمنى وثلاث مرات أخرى مع الذراع اليسرى.

يجب أن أتخلص من الضغوطات الجسدية

الآلام والضغوطات والخفقان... غالبًا ما يظهر التوتر على شكل عوارض جسدية حقيقية.

- أعاني ألمًا في البطن

● تجنبي الأطعمة الحامضة أو القابلة للتخمر، فهي تزيد من الحموضة وتشنجات المعدة التي يسببها التوتر. نذكر منها: الحمضيات، الطماطم، الهليون، منتجات الألبان، واللحوم الحمراء.

● نصيحة نباتية: الصعتر وبلسم الليمون والنباتات المضادة للتشنج فاعلة في هذا السياق.

- أعاني التشنج

● التمرين المقترح: اجلسي على ركبتيك. ازفري الهواء وأنت تنحنين ببطء إلى الأمام إلى أن يلمس رأسك الأرض. مدّي الذراعين إلى جانب الفخذين والراحتين نحو السقف. حافظي على هذه الوضعية لمدة دقيقة وأنت تتنفسين بانتظام، ثم استقيمي. كرري هذا التمرين من ثلاث إلى أربع مرات، فهو سهل إنما يساعد على الاسترخاء تمامًا.

- أشعر بعصا في ظهري

● التمرين المقترح: تمددي على ظهرك، اطوي ركبتيك إلى صدرك. اغمريهما بذراعيك وحاولي أن تقربيهما قدر المستطاع من صدرك بشكل تشعرين فيه بالتمدد. حافظي على هذه الوضعية لمدة 30 ثانية، ثم عودي ببطء إلى وضعية البدء. كرري التمرين من ثلاث إلى أربع مرات.

- أعاني الصداع النصفي

● حاولي الحد من الضغوطات: مارسي نشاطًا جسدياً يساعدك على الاسترخاء، كالمشي أو ركوب الدراجة على الأقل لمدة ساعة أسبوعياً وخذي استراحة من العمل كل ساعتين أو ثلاث خلال النهار وتعلمي كيف تسترخين، أيًا كانت الطريقة... فهذه الوسائل كلها تقلل تواتر نوبات الصداع النصفي المرتبط بالتوتر.

● نصيحة نباتية: أضيفي إلى ثلاث نقاط من زيت النعناع الأساسي نصف ملعقة صغيرة من الزيت النباتي ودلكي لبضع دقائق الصدغ وأعلى الحاجبين بهذا المزيج.

- أعاني الخفقان

● مارسي تمرين التنفس المتناغم. فمن خلال تحقيق التناغم في الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يتحكم بالوظائف التنفسية والهضمية والوعائية القلبية، يؤدي التنفس المتناغم إلى شعور عام بالارتياح. ينقسم تمرين التنفس هذا الذي يجري من خلال الأنف إلى أربع مراحل من أربع إلى خمس ثوان كل واحدة: 1 نتنشق الهواء، 2 نحبس الأنفاس، 3 نزفر الهواء، 4 نحبس الأنفاس. نكرر هذا التمرين ثماني مرات متتالية.

أحتاج إلى النوم

التوتر والقلق يؤديان إلى حالة من الصحوة الفائقة التي غالبًا ما تعيق النوم وتضعف النعاس. إليك استراتيجيات غير دوائية تساعدك على النوم...

- الاضطرابات دقيقة

● جربي التنويم المغناطيسي الذاتي: استخدمي مخيلتك وتصوري نفسك تضعين مخاوفك في كيس، واحدة تلو الأخرى، ثم تخيلي أنك تغلقين الكيس وتضعينه على المنضدة إلى جانب السرير.

● نصيحة نباتية: خلط زهور الآلام، وحشيشة الهر، وخشخاش كاليفورنيا بكميات متساوية يعطي نتائج مفيدة.

- استمرار الاضطراب

● جربي فورًا الاسترخاء العضلي التدريجي. مارسي هذا التمرين يوميًا قبل الخلود إلى النوم، جالسة أو ممددة، ومغمضة عينيك. فهو يقلل اليقظة والنشاط الذهني ويريح الجسم من الضغط. يتطلب 15 إلى 20 دقيقة ويتمثل في تقليص (لمدة 3 إلى 5 ثوان) ثم إرخاء (لمدة 5 إلى 7 ثوان) مجموعات عضلية: اليد اليمنى ثم اليسرى، الساعدان والذراعان ثم الجبهة والعينان والفم والكتفان والبطن والأليتان... يجب التركيز تمامًا على حالة الاسترخاء العضلي في منطقة الجسم المعنية.

● استشيري طبيبًا متخصصًا. أولاً، للتأكد من غياب أي أمراض كامنة (انقطاع النفس خلال النوم، ارتفاع ضغط الدم...)، ثانيًا، ليدلك على طريقة تتلاءم مع شخصيتك: تبين أن الاسترخاء العضلي أو التنويم المغناطيسي أو التأمل طرق فاعلة لحل هذه المشكلة.

أريد أن أشعر بالهدوء مقابل الطعام

تترك حالاتنا النفسية طوعًا تداعيات على شهيتنا وخياراتنا الغذائية. فكيف نتجنب الإفراط في الأكل، أو الامتناع عنه، أو الافتقار إليه؟

- آكل بشكل مفرط وعشوائي

غالبًا ما تجذب الأطعمة الغنية بالسكر والدهون معظم الأشخاص الذين يلجأون إلى الطعام لتهدئة انزعاجهم، ما يؤدي إلى زيادة الوزن المضرة بالصحة والثقة بالنفس.

● حضري وجبات مشبعة، لأن الجوع في سياق التوتر يؤدي إلى سوء الاختيار غالباً. يجب أن تحتوي الوجبات الغذائية الثلاث الأساسية على البروتينات (اللحوم، الأسماك، البيض...) وعلى النشويات البطيئة على الأقل في الفطور والغداء ( الخبز والمعجنات، الرز...). لا تنسي الفاكهة والخضار.

● استمعي إلى حواسك. في وقت الأكل، تنفسي مرة أو مرتين عميقًا وركزي بعدئذٍ على الأحاسيس التي يثيرها فيك كل طعام: اللون، النكهة، الطعمة، التركيبة... امضغي الأكل جيدًا وببطء وضعي أدوات المائدة على الطاولة بين اللقمة والأخرى.

● نصيحة نباتية: الغريفونيا. تحتوي بذور هذه النبتة على مادة تتحول إلى السيروتونين وهو ناقل عصبي يعمل على تنظيم المزاج والشهية.

- لا أستطيع تناول شيء

لا تقلقي إذا لم تستمري على هذه الحالة أكثر من يومين إلى ثلاثة أيام. لكن في حالة طالت المدة، قد تواجهين خطر الضعف الجسدي، ما يسبب التوتر والقلق وحتى الاكتئاب. توقفي في هذه المرحلة عن القلق حول مسألة الدهون والسعرات الحرارية: فمن الضروري الآن تناول الطعام الذي تمتنعين عنه في الأوقات الأخرى.

يجب أن أستعيد وزني المثالي

مارسي التمارين الرياضية: تسمح لك الرياضة بالتخلص من الكسل الذي أدت إليه الضغوطات النفسية.

● ما هي التمارين المناسبة؟ التمارين الأكثر فاعلية هي التي تتطلب نشاطًا وعائيًا قلبيًا (المشي، ركوب الدراجة، السباحة...). المهم أن تناسبك وأن تتمتعي بها لأنها في الواقع تؤدي دورًا مضادًا للتوتر.

● نظام التمارين: ثلاث إلى أربع جلسات أسبوعيًا لمدة 30 دقيقة على الأقل. ثقي بأحاسيسك: بعد مرور فترة من الجهد الأليم يأتي وقت الشعور بالارتياح والرضا.

- حسني النظام الغذائي

● الفطور: لا يكفي شرب كوب من القهوة لجعل الجسم نشيطًا في الصباح. حتى إن لم تشعري بالجوع، يجب أن تأكلي قطعة من البسكويت على الأقل إلى جانب قطعة من الجبنة وبعض اللبن وبيضة.

● الغداء: إياك أن تهملي هذه الوجبة، ففي حال لم تتناولي وجبة مغذية وغنية بالعناصر الغذائية، قد تشعرين بالتعب الذي يؤدي إلى التوتر، وبالتالي إلى إرهاق كبير. ماذا يجب أن تتناولي؟ 100 غرام على الأقل من الطعام الغني بالبروتينات (لحوم، دواجن، أسماك، بيض...)، فضلاً عن حصة كافية من الخضار وقليل من النشويات.

● الحصول على استراحات للاسترخاء:

هذه الطريقة المضادة للتعب تسمح بمساعدتك على تنشيط جسمك وذهنك. فاجلسي بطريقة مريحة، واغمضي عينيك وتنفسي عميقًا (2 إلى 3 مرات)، ثم استمري بالتنفس بطريقة هادئة من البطن. ستتمكنين شيئًا فشيئًا من الاسترخاء.