عندما لا يجد الرئيس المصري محمد مرسي ما يبرر به مبادرته "البائسة" بتشكيل لجنة متابعة رباعية لحل الأزمة السورية إلا الادعاء في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن إيران ليست جزءاً من المشكلة في سورية، فكأنه لا يعرف أن الجمهورية الإيرانية منخرطة منذ اليوم الأول بالسلاح وبالأموال وبالرجال وبالدبلوماسية في هذه الحرب التدميرية المستمرة والمتصاعدة التي يشنها بشار الاسد على الشعب السوري، وكأنه ليس لديه أي معلومات بأن الإيرانيين هم الذين أفشلوا كل محاولات حل هذه الأزمة بدءاً بمبادرة الجامعة العربية التي جاءت في وقت مبكر جداً، وصولاً إلى خطة المبعوث الدولي والعربي السابق كوفي أنان مروراً بكل المساعي الجانبية التي بذلتها جهات كثيرة، إن تحت ستارٍ من التكتم والسرية، وإن بصورة علنية. هل لم يسمع يا ترى فخامة رئيس مصر، حتى يقول إن إيران تشكل جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة وحتى يبرر دعوتها إلى المشاركة في لجنة المتابعة الرباعية التي حضرت المملكة العربية السعودية اجتماعها الأول ربما من قبيل الاستطلاع ومعرفة ما إذا كان هناك تغيير في المواقف الإيرانية، ما بقي يكرره مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي من أن بلاده لن تسمح بإسقاط النظام السوري، وهل لم يسمـع أيضاً بـ"الأوامر" التي أصدرهـا قبـل يومين بأنه على فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني التابع لحراس الثورة الإيرانية أن يجمد عملياته وأنشطته في الغرب وفي أميركا اللاتينية وفي الدول البعيدة وأن يركزها على الدول المجاورة، التي هي حسب المفاهيم الإيرانية السائدة ليست باكستـان ولا أفغانستان ولا تركيا، وإنما بالاضافة إلى دول الخليج العربي سورية في الدرجة الأولى ثم العراق والأردن ولبنان والضفة الغربية وغزة واليمن والسودان وأيضاً مصر وتونس. إن المؤكد أن محمد مرسي، على اعتبار أنه أصبح رئيس أكبر وأهم دولة عربية وعلى اعتبار مكانته القيادية في جماعة الإخوان المسلمين التي لم يتخلَّ عنها ومن غير المتوقع أن يتخلَّى عنها، قد سمع بأن المعارضة السورية بقيادة الجيش السوري الحر قد اعتقلت منذ فترة ثمانية وأربعين من ضباط فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية في دمشق نفسها وأن هؤلاء مازالوا لديها وأن الجنرال علي محمد جعفري، الذي هو ثاني أكبر وأهم مسؤول إيراني بعد "المرشد" علي خامنئي، قد أعلن بلسان إيراني فصيح أن هناك وجوداً لبعض ضباط فيلق القدس في سورية ولدى حزب الله في لبنان، كما أن من المؤكد أن الرئيس المصري قد سمع أيضاً ما قاله بشار الأسد، لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، وهو: إن سورية ليست هي المستهدفة الوحيدة، بل الهدف هو القضاء على محور المقاومة بمجمله! وفي هذا الاتجاه ذاته فإن مما لاشك فيه أن محمد مرسي قد سمع تأكيدات رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء حسن فيروز آبادي التي قال فيها: "إن الحرب الجارية في سورية هي حرب إيران، وإن ما قاله السيد بشار الأسد صحيح، لأن سورية تشكل الخط الأمامي للمقاومة، وأنها حافظت على هذا الخط منذ أعوام"! وهذا يدل على أن الرئيس المصري يعرف مدى تورط الإيرانيين في هذه الحرب الدائرة الآن في كل الأراضي السورية، مما يعني أنه، ومع كل التقدير والاحترام له، لا يقول الحقيقة لا لشعبه ولا للعرب ولا للعالم أيضاً عندما يعتبر، خلافاً لكل هذه الأدلة، أن إيران ليست جزءاً من المشكلة بل هي جزءٌ من الحل!
Ad