«يمنح غطاءً لتشكيل جماعات عنف... ولن نراقب الاستفتاء والانتهاكات ليست مُستبعدة»

Ad

اعتبر مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الناشط الحقوقي بهي الدين حسن أن الدستور الجديد يُمهد الطريق لتأسيس دولة دينية على نمط «ولاية الفقيه» في إيران، معتبراً الفترة التي تعيشها مصر الآن هي فترة «عدم اليقين»، وأن الانقسام هو عنوان المشهد الراهن، لافتاً في حواره مع «الجريدة» إلى تدهور وضع حقوق الإنسان منذ تولي الرئيس محمد مرسي حكم البلاد. وفي ما يلي نصّ الحوار:

• ما تقييمك للمشهد السياسي الراهن في مصر؟

- مصر تمر بمرحلة من عدم اليقين والانقسام الحاد بسبب الاستفتاء على الدستور، ما من شأنه إحداث انعكاسات سلبية على المستويين السياسي والاقتصادي، ترجع بالبلاد إلى الوراء عبر صراعات دامية، وما حدث أمام قصر الاتحادية الرئاسي خير دليل، الانقسام عنوان لمرحلة ممتدة ما لم يضع القائمون على الحكم رؤية لا تستبعد أحداً.

•برأيك هل تغير وضع حقوق الإنسان في مصر بعد أول رئيس منتخب؟

- للأسف لا، وضع حقوق الإنسان في تدهور، ونتائج المئة يوم الأولى من حكم الرئيس محمد مرسي كانت تُنذر بحدوث تدهور كبير، إلى جانب أن الدستور المطروح للاستفتاء يمهد لذلك، لأنه يتضمن انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، فقد نصت المسودة النهائية للدستور على إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، وأتعجب من أن الإخوان والمنتمين لتيار الإسلام السياسي الذين عانوا من المحاكمات العسكرية في الماضي، يبيحون هذه المادة عند وصولهم إلى الحكم.

• لكن إجمالياً، ما رأيك في الدستور الجديد؟

- هذا الدستور يعد خطوة للخلف مقارنة بدستور 1971، أولاً يمهد الطريق أمام تأسيس دولة دينية على نمط نظام «ولاية الفقيه» في إيران، لكن بمصطلحات سُنيّة، حيث يحتل الفقيه السُّني ممثلاً «بهيئة كبار العلماء» سلطة الوصاية على العملية التشريعية، الأمر الذي يُقوّض أسس الدولة الديمقراطية الحديثة في مصر، ويضع البلاد على طريق فوضى قانونية غير محدودة، ثانياً الدستور الجديد لم يتناول أي إشارة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر، كما تمت صياغة مواد الحقوق والحريات بعبارات فضفاضة أو تمت إحالة أمر تنظيمها للقانون، كذلك فرضت الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور المبادئ الواردة في الباب الأول بالدستور كمرجع لتفسير حقوق الإنسان والحريات العامة، الأمر الذي يضع الحقوق والحريات الأساسية في مهب الريح، حيث تخضع «للفقيه» الذي بيده سلطة التفسير، والدستور المقترح يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات استبدادية لا تقل عن تلك التي تمتع بها الرئيس مبارك، فضلاً عن أنه يُمثل تراجعاً هائلاً فيما يتعلق بضمانات حماية حقوق الإنسان، مقارنة بالدستور الذي أسقطته الثورة، ثالثاً الدستور يقيِّد عدداً من الحقوق الأساسية، مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية التعبير والحق في التظاهر، ويتيح حل الجمعيات الأهلية ويرفض مبدأ التعددية النقابية، ويقيّد الحق في تداول المعلومات وحرية الصحافة، إذ باتت الصحافة معرضة للغلق والإيقاف والمصادرة والخضوع للرقابة.

• برأيك لماذا أغفلت الجمعية التأسيسية مقترحات المنظمات الحقوقية في الدستور؟

- هذا دليل على سوء نية القائمين على الجمعية، ويثبت أن تلقي المقترحات كان شكلياً وأن ثمة دستوراً شبه جاهز، يعكس رؤية واحدة فقط، ويتبنى توجه فصيل سياسي بعينه، والدليل على ذلك الإصرار على التشكيل المعيب للجمعية التأسيسية الأولى والثانية، وتجاهل ملاحظات كل الأطراف، فالجمعية تفتقر إلى المشروعية المجتمعية والسياسية والأخلاقية، وعليها مطاعن قانونية، تسعى إلى فرض وصاية على حقوق المواطنين الشخصية وحرياتهم، بما في ذلك منح غطاء دستوري لتشكيل جماعات تمارس العنف، لإجبار المواطنين على اتباع أنماط أخلاقية ومجتمعية خاصة بهذه الجماعات.

• هل تتوقع عقوبات على مصر بسبب إغفال الدستور الجديد الاتفاقيات الدولية؟

- يتوقف ذلك على استمرار الدعم الأميركي لنظام الإخوان من عدمه، وهذا يضع حدوداً لإمكانية المحاسبة وتوقيع عقوبات.

• إلى أي مدى تتوقع حدوث انتهاكات في عملية الاستفتاء؟

- مركز القاهرة لحقوق الإنسان لن يراقب الاستفتاء ميدانياً، لكنه سيراقب أداء وسائل الإعلام، والانتهاكات ليست مستبعدة في ظل استفتاء تحوم حوله شبهات كثيرة، وبخاصة مع القرار الذي اتخذه غالبية القضاة بمقاطعة الإشراف عليه، وعدم توافر المشروعية القانونية والمجتمعية له.