أما وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارها بالإبقاء على أحمد شفيق في سباق الرئاسة وإلغاء البرلمان فإن المشهد السياسي المصري مرشح لمزيد من المفاجآت، فالثورة لما تنته بعد.

Ad

ففي الشق السياسي بات واضحاً أن هناك ترتيبات حثيثة لإعادة النظام السابق إلى سدة الحكم بثياب جديدة. بالطبع لم يكن ذلك مستبعداً على الإطلاق من خلال مراقبة ورصد سلوك المجلس العسكري أو من تم تسميتهم بالفلول. سلوك متدرج لإعادة الهيمنة مجدداً كان آخرها قبل الحكم المدوي هو منح صلاحية القبض على المدنيين لرجال الأمن في إعادة لفيلم قانون الطوارئ الذي سقط بحكم التقادم والشيخوخة المبكرة.

نعم المشهد المصري في مأزق، وتتجه الأصابع مشيرة إلى الفلول بالتسبب في هذا المأزق الذي سيعيد الناس إلى الشارع مجدداً.

ولكن ، وهي لكن كبيرة، هل يحق للإخوان المسلمين أن يحتجوا؟ وهم مَن ضربوا عرض الحائط بتعهداتهم بعدم رغبتهم في خوض انتخابات الرئاسة وخاضوها، واستعدادهم لتشكيل متوازن للهيئة التأسيسية، فكان ميزانهم مائلاً، وإصرارهم من قبل ومن بعد على انتخاب البرلمان قبل الدستور؟ سلسلة من المتناقضات التي يبدو أن الإخوان لا يريدون دفع ثمنها، وهو ماحدث فعلاً أثناء انتخابات الجولة الأولى للرئاسة. دافعنا عن حق الإخوان في العمل السياسي في البداية وأن التخويف منهم لا مبرر له، وننتقدهم عندما تتجلى شهوة السلطة ليستبدلوا هيمنة بهيمنة، عساهم يتعلمون أن العملية الديمقراطية متغيرة وأن الشعب الذي انتخبهم في البرلمان أنزل من حصتهم في الرئاسة، وعليهم أن يتوقعوا الأسوأ في أي انتخابات قادمة إن لم يعملوا جدياً على التواضع واستعادة المصداقية المفقودة، وعدم الاستعجال بجني الثمار على طريقة جني الأرباح في أسواق الأوراق المالية. فتنظيم الإخوان المسلمين هو أكبر وأقوى الأحزاب المصرية، ومهمته التاريخية ليست الاستعجال في تولي الحكم بقدر ما هي لعب دور القدوة في العملية السياسية لترشيدها وترسيخها وهو ما قام بعكسه حتى الآن.

المعركة القادمة كما يبدو لن تكون قانونية، ولكنها سياسية وثورية فهل سيدخلها الإخوان مرة أخرى ثم ينقلبون عليها؟ أم يتعاملون مع الأمر بجدية أكثر ليستعيدوا شيئاً مما فقدوه؟

أما إن تجاوزنا حالة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي المصري، فإنه من المهم الإشارة إلى أن الثورة لما تكتمل بعد، ولربما أن محاولات اختطافها هي ما سوف يؤدي إلى تجديدها وتأكيد بنائها بوضوح ودون رتوش، ثورة من الإنسان وله، تؤكد كرامته ولا تتجاوزها بأفلام سياسية مكررة، بنفس الممثلين وربما حتى بذات المكياج وإن اختلف الديكور والمخرج بعض الشيء.