متميز بكل شيء... بدءاً من اسمه وابتسامته الساحرة و"كاريزمته" المميزة التي جعلته يدخل قلوب الجماهير وكل من يلتقي به، ومع أننا لم نكن نلتقي به سوى ببعض المناسبات أو في المسجد إلا أن الحزن الذي أصابنا بفراقه كان كحزن فقد رجل مقرب جدا ونجالسه في كل يوم، ولا أدري ما سر هذا الإحساس، لكن أعتقد أن الآية الكريمة "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" هي خير مفسر لهذه الحالة، خاصة بعد أن بدأ الجميع يعرف عن أيادي المرحوم البيضاء في مجال الخير ورعاية المحرومين.
في مثل هذه الأيام من السنة الفائتة كتبت مقالا بنفس عنوان مقال اليوم لكنه كان عن العم المرحوم ناصر الخرافي "بومرزوق"، وشاءت الأقدار أن يكون عزاؤنا في أبريل هذا العام بالمرحوم سمير سعيد الذي كان مثالاً للرجل المحب والمجتهد لبلده، فمن منا ينسى ذوده بكل بسالة عن مرمى منتخبنا الوطني وناديه العربي، حتى صار المثل الأعلى لكثير من الناشئين.وفي حياته الخاصة اجتهد وثابر مع شريكه الأخ يوسف ندوم ليصنعا علامات تجارية بعرقهما وإبداعهما ليصنعا قصة نجاح يجب أن تكون نموذجا للكويتي العصامي الذي يصنع النجاح بنفسه بدلا من الانكفاء وراء الوظيفة الحكومية أو الاكتفاء فقط بأخذ وكالات شركات أجنبية.ومع نجاحه بعالم المال والأعمال، فإن ذلك لم يجعله يفكر بكنز المال إلى أبد الآبدين مثلما يفعل الكثير من البخلاء، بل بادر إلى استثماره لآخرته عبر رعاية الكثير من المشاريع الخيرية وبدون التفاخر أمام الناس بهذه الأعمال الجليلة.ولعل صدمة فقدان هذا الرجل المحبوب قد سلط الضوء على كثير من مكامن الخلل في الدولة مثلما بينها النائب مرزوق الغانم في كلمته الرائعة عند التعليق على الخطاب الأميري، وأخطرها طبعا هي حرب الشوارع وما تحصده من مئات القتلى سنويا وسط تفرج الكل من حكومة ومجلس وشعب، حيث بات من النادر أن تجد عائلة في الكويت لم تفقد أحد أبنائها أو بناتها في هذه الحرب المجنونة. وتشير آخر إحصاءات الإدارة العامة للمرور إلى وقوع 70 ألف حادث في العام الماضي قتل فيها 492 شخصاً وأصيب فيها 815، وبذلك احتللنا المركز الأول عربياً والرابع عالميا في هذا المجال. والسبب الرئيس لهذا الرقم المخيف هو عدم احترام القانون إضافة إلى ضعف العقوبات، فمن يأمن العقوبة يسيء الأدب خاصة مع طبيعة الكويتيين المتسامحة والتي تنهي كثيرا من هذه القضايا بالتنازل. ولذلك يجب أن تغلظ العقوبات (كالسجن 3 سنوات على الأقل) لكل من يتسبب في حادث يؤدي إلى وفاة شخص أو إصابته بعاهة مستدامة حتى لو تنازل أهل الضحايا عن حقهم لأن هناك حقاً عاماً يجب أن يحترم. هذا إضافة إلى رفع قيمة التأمين على المتسببين بالحوادث كما هو معمول في كثير من الدول. كما يجب على وزارة الداخلية فرض قوانين المرور غير المفعلة (وما أكثرها) بالقوة، فهناك الكثير من الانتهاكات تحدث يوميا بالشوارع تحت نظر وتجاهل أجهزة الوزارة المختلفة، وبالطبع لن تكون هذه المهمة سهلة بعد سنوات من ثقافة الإهمال والواسطات التي قتلت البلد ونحرت القانون، فهل نحن بحاجة لفقد عزيز آخر على قلوب الكويتيين حتى نستفيق وننقذ الناس من حرب الشوارع المجنونة.في كثير من الدول تسمى القوانين بأسماء مقترحيها أو بأسماء شخصيات كانت سببا مباشرا لإقرارها، ولذلك فنحن أمام فرصة لسن قانون "سمير سعيد" لتغليظ العقوبات على المستهترين بأرواح الناس حتى ننقذ ما يمكننا إنقاذه.رحمك الله يا عزيزنا "بوعلي" وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
مقالات
وإنا على فراقك يا بوعلي لمحزونون
26-04-2012