حين تقاطع غداً فأنت تؤكد وجودك كإنسان حر له إرادة مستقلة، لا تقبل أن تكبل حريتك وقرارك بغير ذاتك ومصلحة وطنك ومستقبل هذا الوطن.
حين تقاطع غداً فأنت ترفض أن تملي عليك السلطة الحاكمة إرادتها وتصورها للمسار السياسي للدولة، وهذه الدولة هي دولتك، وطنك، أنت شريك فيها، شريك في أرضها وفي تاريخها ومستقبلها وشريك في خيراتها وفي آمالها التي عليك واجب أن تعمل من أجل تحقيقها، من أجل مستقبلك ومستقبل أبنائك وأبناء أبنائك.آمالك في هذه الدولة أن تكون كامل المواطنة، وليس ناقصها، وما ينقص تلك المواطنة وينقضها من جذورها، أن يتم تهميشك كمواطن، أن تتم إزاحتك جانباً حين يتعلق القرار بك وباختيارك، وتأمرك السلطة كتابع، كأجير، كفرد ناقص الأهلية الإنسانية، وتعلمك الطريق الذي عليك أن تسير فيه، وتصبح، في مفهوم السلطة، مجرد طفل غر، لا يعرف مصلحته ولا يدرك مستقبله، وتدخل في روعك بأنها الأدرى والأفهم بحكم قصورك ونقص وعيك، فأنت عندها وفي مفهومها المتعالي والمتغطرس مجرد طفل لا يعرف كيف يختار، إنما هو الوالد الأب الذي يختار عنه، ويوجهه لدروب السلامة!فأنت كالأعمى لا تصلح أن تسير في الطريق دون هادٍ ومرشد، والسلطة هي الهادي والمرشد... هل تتذكر أين قادك ذلك المرشد المتسلط منذ منتصف ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم... من مجلس 67 المزور، إلى المجلس الوطني "القديم" مروراً بالمجالس التي تم حلها بغير وجه حق عام 76 و86 ومحاولات تنقيح الدستور كي يصبح دستوراً ميتاً... هل تتذكر كل ذلك، وهل نسيت حفلات "الهبر" من خاصرة وطنك... من سرقات كبرى تمت وقيدت ضد مجهول، سرقات ورشا كبيرة أفسدت ضمائر الكثيرين، وجعلتهم سلعاً بشرية في سوق النخاسة السياسي، ربما لم تشعر تماماً بذلك "الهبش" لأنك تأكل وتشرب ولك مسكن مريح... ولا ينقصك شيء... بمثل تلك الكلمات السالفة يتم تخدير وعيك، وبمثل كلمات أسوأ منها توشوش بأذنك: ماذا فعل مجلس المعارضة الأخير... ماذا صنع غير أنه أضاع الكثير من عمر الدولة في جدل خاوٍ، وأذكى روح الطائفية عندما أراد بعض النواب تقزيم أبناء الدولة من الشيعة... ماذا فعل ذلك المجلس غير أنه شرع في تهميش ما تبقى من حرياتك الشخصية... وشرع برمي الدولة لعدة قرون مضت في الزمان... ونقلها إلى وادي وزيرستان في المكان... هنا، وبمثل ذلك الإيحاء السيئ تريد السلطة ووكلاؤها أن تخلط بين القضية والأفراد، يريدونك أن تردد في ذاتك: لتذهب هذه الديمقراطية المروعة للجحيم.... فليرحل نواب الأغلبية إلى غير رجعة... وسأقف مؤيداً لسياسة "المنخل" في الصوت الواحد... ويتلاشى الزبد ويبقى أهل الحريات فوق المنخل... بمثل تلك العبارات الساحرة يخلط السم بالعسل وتختلط عليك الأمور... وبدلاً من أن تناضل من أجل تكريس الحريات السياسية والفردية، وتعمل من أجل تطوير واستكمال الديمقراطية بإطلاق حرية تشكيل الأحزاب والحكومة البرلمانية، وتؤكد مبادئ المساواة في المواطنة يصبح كل همك إقصاء من لا تستسيغهم من البرلمان... وحين تفعل ذلك فأنت لا تقصيهم وحدهم... بل تقصي دستورك... تقصي حريتك... تقصي ذاتك في النهاية... فهل ستصوت غداً لنفي ذاتك...!
أخر كلام
حين تقاطع
30-11-2012