مع استئناف العام القضائي الجديد لأعماله في سبتمبر المقبل، يتعين على الجمعيات العمومية لمحاكم الاستئناف والتمييز أن تنبه على الدوائر القضائية في تلك المحاكم بضرورة التصدي للاستئنافات والطعون، التي تقام من المتقاضين على الأحكام الصادرة من محكمتي أول درجة أو الاستئناف، وذلك لأن القضاء جعل من نظام التقاضي على نظام الثلاثة درجات ضمانة لسلامة الأحكام القضائية واستقرار المراكز القانونية وليس تأييدا للاحكام التي تصدرها محاكم أول درجة أو التي تصدرها محاكم الاستئناف.

Ad

إذ لا يعقل أن تتبنى الدوائر القضائية في محاكم الاستئناف أو التمييز العديد من القضايا التي شهدتها المحاكم في السنوات القليلة الماضية من دون أن تتصدى للأسباب التي تتضمنها تلك الاستئنافات أو الطعون، وغلب على تلك الاحكام بمنطوق «الرفض والتأييد» رغم تناولها للعديد من الأسباب القانونية الجوهرية والتي تعتمد على مبادئ صادرة من قضاء محكمة التمييز أو النقض المصرية أو حتى إلى صحيح القانون، والسبب يعود إلى عدم تصدي بعض الدوائر القضائية تصديا حقيقيا لتلك الأسباب، وهو ما يستوجب من إدارة التفتيش القضائي وهو في سبيلها للرقابة على الأحكام القضائية الصادرة من تلك المحكمتين أن تراقب سلامة تصدي الدوائرالقضائية في تلك المحاكم للأسباب القانونية في أحكامها، وإلا فما فائدة التقاضي أمام درجات التقاضي الثلاث سوى إطالة أمد التقاضي من دون أن تبذل بعض الدوائر القضائية وليس جميعها بالتأكيد جهدا للتصدي للأسباب التي توردها صحف الطعن بالاستئناف أو التمييز.

ولذلك فإن الحديث عن تطوير أداء المحاكم يستلزم أيضا تطوير الاحكام القضائية، والتي تستلزم أيضا تعديل قانون تنظيم القضاء بما يسمح بالرقابة على الأحكام التي يصدرها السادة المستشارون في محكمتي الاستئناف والتمييز في سبيل الوصول إلى أعلى درجات الجودة في تسبيب الاحكام القضائية أيا كانت نتائجها، لأن النتيجة الطبيعية للأحكام القضائية أن هناك رابحا للدعوى القضائية، وخاسرا لها.

أخيرا فإن العمل على تطوير الاحكام القضائية هو مهمة داخلية منوطة بجهاز التفتيش القضائي والجمعيات العمومية في المحاكم بعيدة عن التدخل الخارجي، إلا أن ذلك الحظر بالتأكيد لن يمتد لرجال القانون طالما كان في نطاق القانون وبالقدر المسموح به، فتطوير الأحكام غاية يسعى رجال القضاء قبل القانون الى تحقيقها، وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الضمانات القانونية التي كفلها القانون والدستور للمتقاضين.