كتب فرد على موقعه شيئاً مسّ الرسول صلى الله عليه وسلم، أنا لم أقرأ ما كتب ولكن ككل الناس ننفعل قبل أن نعرف حقيقة الأمر، ولنفترض أن إنساناً أخطأ وتجاوز الحدود فهل نقيم الدنيا ونسارع إلى إصدار تشريع للبلد ولكل الناس بجريرة شخص واحد أو حتى عشرة؟

Ad

إن أحداً لا يقبل بالتعرض للذات الإلهية أو للأنبياء، ولكن قد يتجاوز البعض لأسباب لا بد أن نتعرف عليها لكي نعالجها وإرجاع صاحبها إلى الصواب. احترام الأديان لا يأتي بقانون إنما عن قناعة وتربية وقواعد تعارفت عليها كل المجتمعات، وحين يخطئ إنسان بحق الدين لا تعلق له المشانق، وإن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به، فلماذا لا نعامل هؤلاء الأفراد بالحكمة والموعظة الحسنة؟ هل سيصبح لو أدخلناه السجن أو رجمناه مسلماً أفضل؟

لكن مدبري الفتن والنافخين في رمادها لن يتركوا فرصة مثل هذه دون أن يشعلوا نارها، وإلا لِمَ هذا التشريع المفصل بهذه الطريقة؟

إن الوسيلة الوحيدة لإثبات تعرض شخص للذات الإلهية أو أحد من رسله هي شهادة شخصية ممن حضروا الواقعة أو قد يدعون بالباطل على آخر، فهل نقبل بإعدام إنسان جاهل أو سفيه أو مدعى عليه لهذا السبب؟ إن الله لا يؤاخذ الناس باللغو في أيمانهم فكيف نقبل بقتل إنسان أخطأ في لفظ؟ وإذا وجد من لم يؤمن أو عاد عن إيمانه فأليس من الأفضل وأكثر جزاءً أن نحاول إعادته إلى جادة الصواب بالحكمة والموعظة الحسنة؟ وإذا وقف محكوم أمام حبل المشنقة وقال "لا إله إلا الله" فهل نشنقه رغم ذلك؟

إن بعض شبابنا قد يصل إلى مرحلة الضياع لما يراه من تناقض بين ما يقوله الإسلاميون وأفعالهم، فتعاليم الإسلام متكاملة وليست انتقائية، فلا أفهم كيف يقضي رجل نهاره وليله في المسجد بينما يهين خادمه في البيت ولا يعرف ماذا أكل أبناؤه؟ وأين سهروا؟ وماذا درسوا؟ لا أعرف كيف يكون مسلماً من يقبض راتب الحكومة دون أن يعمل شيئاً مقابل هذا الراتب؟

لا أعرف كيف يكون رجل الدين بشكل في هذا البلد وبشكل آخر عندما يخرج منه؟ ولماذا لا يقلق أو لا يفهم بعض الشباب ما هو الدين وهم يرون رجاله يشدون عليهم وينغصون حياتهم بينما يفتحون كل سبيل للانبساط في أمور يشرعونها لمصلحتهم أو مصلحة دعوتهم؟

رجال الدين الجدد فتحوا مجالات للزواج المزيف بحجة حماية المجتمع فوقعوا في كل المحظورات التي كانوا يدعون الناس إلى تجنبها، فهل نطلب لهم المشانق لتخريبهم الدين؟ أليس من يقنن هذا للمجتمع أسوأ ممن تلفظ بكلمات؟ من أكثر كفراً من شرّع زيفاً باسم الدين أم من عبّر بالخطأ عن سخطه على ما يراه؟ من أوصل الناس إلى هذا الحد، ألستم أنتم؟

لو أردنا إسلاماً صحيحاً لخاطبنا عقول الناس ليروا عظمة "الخالق" بدلاً من الإعجاب بضيق أفق "المخلوق".