مشكلتنا الأدب والمنطق

نشر في 27-07-2012
آخر تحديث 27-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 إيمان علي البداح أتى قرار نقل مسرحية الأطفال ليؤكد مرة تلو الأخرى أننا مازلنا في الصحراء نعيش في خيمة من الإسمنت بنفس عقلية الإنسان البدائي الذي أخاف الوحوش بالصراخ، وحصل على ما يريد بقوة ذراعه... فلم نأخذ من الحضارة سوى القشور، ولم ننهل من المدنية سوى الماديات.

تابعت بعدم جدية قضية مسرحية الأطفال التي كان يزمع عرضها في منطقة صباح الناصر، وعدم الجدية لم ينبع من عدم الاكتراث بالمسرح أو استهانة بالفن، بل العكس تماماً، فقد اعتقدت خطأ أن الزوبعة سخيفة وبدائية ولا يوجد عاقل بالغ في حكومة رشيدة يمكن أن يرضخ لها.

آمنت غباءً أننا في دولة مدنية لها دستور وتحمي رعاياها، قوانين لها وزن واحترام، وصدقت لوهلة خطب الوزراء وبرامج النواب التي لا تخلو من جملة "حماية النشء ورعاية مواهب الشباب"، ومن دغدغة حلم استعادة مركز الكويت كدرة الخليج ومركز الثقافة.

أخطأت فافترضت أنه حتى في غياب القانون لا بد من غلبة المنطق الذي يفترض أن تكون مراكز "التنمية" قد أنشئت لتنمية الشباب فعلاً، وأن التنمية الحقيقية لا تأتي دون توازن بناء الإنسان عقلياً وروحياً ونفسياً، والفن هو أساس هذا التوازن.

رفضت أن أصدق أنه وبعد ما يقارب 50 عاماً من "الاستقلال" مازالت في الكويت مناطق لها حكم ذاتي تقرر وتختار ما تلتزم به من أبسط حقوق وواجبات المواطنة.

لم أستوعب كيف لشخص شبه أمي أن يفرض إرادته على أمة بأكملها بقوة حنجرته وتهديداته الفارغة... لم أتخيل للحظة أن تمر إشاعات "المد الصفوي" و"التمويل الإيراني" على رجال دولة بخبرة وشهادة وسلطة.

ولكن أتى قرار النقل ليؤكد مرة تلو الأخرى أننا مازلنا في الصحراء نعيش في خيمة من الإسمنت بنفس عقلية الإنسان البدائي الذي أخاف الوحوش بالصراخ، وحصل على ما يريد بقوة ذراعه... فلم نأخذ من الحضارة سوى القشور، ولم ننهل من المدنية سوى الماديات.

أتى النقل ليعيدنا إلى أرض الواقع حيث الغلبة للعضلات الأقوى وليس الحجة الأسلم، وحيث السيادة للفوضى وليس النظام والقانون .

وهذا ما يجعلني أعيد النظر في التساؤل حول ضعف تأثير لغة الخطاب العقلاني في الكويت تحديداً وفي العالم العربي بشكل عام.

في كل هزيمة لمؤسسات الدولة المدنية سواء في انتهاك قانون، أو عدم احترام دستور، أو في الحد من حق من حقوق الإنسان يكون السبب اعتمادنا على أخلاق الآخر، ومنطق الحجة لا أكثر ولا أقل... فهل نحن بحاجة إلى تغيير افتراضاتنا؟

هل المطلوب تبني أسلوب العويل والولولة لحماية المكتسبات المدنية والدستورية؟ ألا يشكل ذلك في حد ذاته مغالطة منطقية؟

back to top