مثلما تصدت المحكمة الدستورية في عام 2005 لقانون التجمعات وقررت إبطال المادتين الأولى والرابعة منه، إضافة إلى إبطال أكثر من 9 مواد أخرى مرتبطة بتنظيم الاجتماع العام الوارد بالقانون، تصدت المحكمة الدستورية في 20 من يونيو الماضي لإبطال ثلاثة مراسيم أميرية، هي بطلان مرسوم حل مجلس 2009، ومرسوم الدعوة إلى انتخابات مجلس 2012، ومرسوم الدعوة إلى انعقاد مجلس 2012، وهي بالتأكيد لن تتردد في إبطال المرسوم بقانون رقم 20/2012 بشأن تعديل المادة الثانية من القانون رقم 42 لسنة 2006، الخاص بالدوائر الانتخابية، والقضاء بعدم دستوريته لمخالفته الشروط والأركان التي حددتها المادة 71 من الدستور.

Ad

لن تكون المهمة الملقاة على المحكمة الدستورية وهي تنظر الطعون الانتخابية التي انصبت على الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون الخاص بتقليص عدد الأصوات الانتخابية إلى صوت واحد صعبة فقط بل هي مهمة شاقة، فكل مبدأ جديد تقرره المحكمة الدستورية بنهجها الجديد بات يكلفها الكثير لسببين، الأول هو الخط الجديد الذي أبدته المحكمة الدستورية بقدرتها على نسف أي قوانين غير دستورية وجرأتها بإبطال أعلى القرارات الإدارية في الدولة، والتي تصل إلى المراسيم الأميرية، والسبب الثاني يتمثل في سياسة التحفظ الشديدة التي كانت تمارسها المحكمة الدستورية في الـ40 عاماً الماضية، والتي أشعرت الكثيرين أن قطف ثمار الأحكام بعدم الدستورية من الصعب تحقيقه لتشدد المحكمة طوال فترة الـ40 عاماً في الإجراءات فقط.

ولذلك فالمحكمة الدستورية اليوم رغم أنها ستخط بيدها مسيرة الحياة السياسية المقبلة في البلاد بأحكامها في الطعون الانتخابية ستكون صريحة إلى أبعد مدى مع مبادئها ورسالتها في الدفاع والحفاظ على كرامة النصوص الدستورية كما انتفضت للإجراءات الحكومية لدى حل مجلس 2009، وهي لم تتردد في تصحيح ذلك الاعوجاج الذي أصاب مرسوم الحل، وما تلاه من مراسيم ألزمت السلطة التنفيذية بتداركها وإصدارها مجدداً بما يتوافق مع نصوص القانون والدستور.

واليوم لن تتردد المحكمة الدستورية في أن تبطل مجلس ديسمبر 2012 وتعيد مجلس 2009 مجددا ليكمل مدته الدستورية لبطلان مرسوم حله 2009، ولن تتردد «الدستورية» في أن تقضي بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20/2012 لمخالفته نص المادة 71 من الدستور، وهو ما يعني بطلان المجلس الحالي الذي أقيم عليه، ولن تتردد في أن تضبط إيقاع السلطة التنفيذية في أمر إصدارها لمراسيم الضرورة التي أهدرت كل معاني الضرورة الحقيقية.

ولذلك فإن المهمة الملقاة اليوم على عاتق المحكمة الدستورية ليست صعبة فقط بل شاقة، لأن حكمها باختصار يعني إما إعطاء ضوء أخضر للحكومة في إصدار المزيد من مراسيم الضرورة إذا ما انتهت إلى أن من يصدر المراسيم هي الحكومة ويقدرها المجلس كلها، وإما أن تضع المحكمة ضوابط على الحكومة في إصدار أي مراسيم ضرورة، كما وضعت في تفسير حق السؤال وحق الاستجواب عندما فسرت نصوص الدستور المنظمة لهما.