الأكاذيب ترافقنا دائماً

نشر في 15-09-2012 | 00:01
آخر تحديث 15-09-2012 | 00:01
No Image Caption
نتعلم منذ الصغر أن «الكذب أمر معيب»، لكننا نردد الأكاذيب طوال النهار، حتى من دون أن نعي ذلك أحياناً. لماذا يشكل الكذب جزءاً من حياتنا اليومية؟ وهل يتعلق بالنساء أكثر من الرجال؟ نقدم هنا بعض التفسيرات.

أظهر إحصاء أجري في بريطانيا أن الرجال يكذبون حوالى ست مرات في اليوم، أي ضعف ما تكذب النساء، اللواتي يكذبن ثلاث أكاذيب يومياً، بحسب الإحصاء.

نكذب أكاذيب صغيرة وكبيرة، وأكاذيب بيضاء لإخفاء الحقيقة... كي نضيف قيمة ما إلى أنفسنا، ونتجنب الصراعات، أو حتى للتلاعب بالآخرين. لكل شخص طريقته الخاصة وأساليبه في الكذب. في الحصيلة اليومية، قد تكون لكذبنا نتائج إيجابية، وأحياناً أخرى عواقب بسيطة، ومرات عواقب خطيرة. هل تختلف أكاذيب النساء عن أكاذيب الرجال؟ وهل جميعنا كاذبون؟

ثمة أربعة أسباب رئيسة نكذب لأجلها، ثلاثة منها أنانية، سواء تعلق الأمر بإعطاء صورة جيدة عن أنفسنا، أو حماية صورتنا، أو لأجل تجنب عقاب معين أو الاستفادة من أمر ما. السبب الرابع غير أناني، ويتعلق بالحصول على اهتمام الغير. لماذا تكذب النساء؟ السبب الأكبر وراء كذب النساء هو الرابع، أي الحصول على اهتمام الآخر. النساء أيضا يكثرن من الإطراء عند القاء التحية على أحدهم للحفاظ على علاقات جيدة مع الآخرين، فيما يتعلق الكذب لدى الرجال بأسباب أنانية غالباً.

فعل يومي

بحسب دراسة أميركية، ينتشر الكذب بشدة في المجتمعات. نكذب بمعدل مرتين يومياً. في أسبوع واحد، ربما نكون قد كذبنا على ثلث الأشخاص الذين التقينا بهم. الأسوأ أن المراهقين يكذبون مرة إلى مرتين على ذويهم يومياً، لتجنب إثارة غضبهم أو تجنب خلاف ما.

بالنسبة إلى النساء، بينت دراسة إنكليزية أن 5000 امرأة أثبتن أنهن فعلاً كاذبات محترفات. بحسب الإحصاءات، 19 امرأة من 20 يكذبن على شركائهن. وينطوي الأمر غالباً على أكاذيب كبيرة، أبرزها: «لا، لست سميناً».

لودميلا أوليتسكايا إحدى الكاتبات الروسيات الأكثر قراءة، تُرجم كتابها «أكاذيب النساء» إلى الفرنسية عن دار «غاليمار»، تقول في هذا المجال: «أكاذيب النساء مختلفة تماماً عن أكاذيب الرجال، وغالباً ما تكون خالية من الغائية. النساء قاصّات ماهرات، يحبكن الروايات كما لو أنهن ينشدن أغنية أو يسردن نكتة: لجمالية الفعل، من دون غاية أو حساب}. ماذا عن الرجال؟ بحسب الكاتبة، يكذبون لغايات نفعية.

صورة نمطية

يعتقد الرجال أن النساء يكذبن أكثر منهم... النساء يكذبن كثيراً، لكن ليس أكثر من الرجال، وهذا ما أثبتته الدراسات. غالباً ما تكون أكاذيبهن غيرية أكثر من أكاذيب الرجال، خصوصاً إن كانت موجهة إلى نساء أخريات... ويبدو انهن يفضلن الإطراء لتجنب الشعور بالذنب. فضلاً عن ذلك كله، أخطاؤهن، أو تجاوزاتهن، أقل من الرجال، وغالبا ما يعترفن بها. واللافت أن الرجال سريعو النسيان فينسون غالباً أنهم كذبوا، بينما تشكل ذاكرة النساء القوية حماية لأكاذيبهن.

أثبتت إحدى الدراسات وجود ثلاث أكاذيب أكثر إشاعة بين النساء. «كل شيء بخير»، تشكل هذه الكلمات الثلاث غالباً الهدوء الذي يسبق العاصفة لدى النساء. وغالبا ما تحمل هذه العبارة بين طياتها دلالة على مشكلة ما. لذلك يبدو من الغباء تصديقها حين تقولها المرأة. الكذبة الثانية هي «افعل ما تريد، لا يهمني»، تقول المرأة ليظن الآخر أن الخيار متاح أمامه، بينما الأمر عكس ذلك، فهي ترغب في أن يتصرف كما تريد هي. الكذبة الثالثة هي «لم يكن باهظ الثمن!». النساء يكذبن كثيراً في ما ينفقن، سواء على الشريك لتجنب خوض سجال ما، أو على الصديقات للتبجح بأنهن اشترين منتجاً معيناً بنصف الثمن.

ضرورة الكذب

هل يوجد فعلا أكاذيب ضرورية؟ الحقيقة مقابل الكذب هو سؤال فلسفي كبير. ولكل شخص وجهة نظره الخاصة في هذا الاطار، ولكن يبقى السؤال «هل يجب قول كل الحقائق؟». عموماً، تجيب المرأة عن هذا السؤال بـ{لا». الكذب قد يكون سبيلا لتجنب الذل او الاحراج، ويمكن ايضا ان نكذب لنخلق شعورا بالسعادة لشخص آخر. الامر الوحيد الثابت هو اننا جميعا نلجأ الى الكذب لتحسين وضع معين.

الكذب عبر الإنترنت

تهتم جنفياف بيل، المتخصصة بالانتروبولوجيا، بالكذب الرقمي عبر الإنترنت، فقد أثبتت إحدى الدراسات أن 45% من البريطانيات اللواتي يرسلن رسائل عبر الهاتف المحمول يكذبن بشأن مكان تواجدهن. وقد أثبتت دراسة أميركية جديدة ألا أحد يقول الحقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي: الرجال يضفن بعض السنتمترات إلى طولهم، والنساء ينقصن بعض الكيلوغرامات من وزنهن. الرجال أكثر ميلاً إلى الكذب من النساء (بنسبة 20%)، ويختلف محور كذبهم فيتعلق أكثر بمجال العمل، بينما تكذب النساء في خصوص العمر والوزن، ودراستهن.

بحسب تقديرات الباحثين، نطلق بين ست و200 كذبة عبر الإنترنت في اليوم، و40 % من كذبنا متعلق بالتخلص من سلوك سيئ، ما دفع جنفياف بيل إلى القول: «عندما تصبح داخل مواقع التواصل الاجتماعي، تختفي الحقيقة: نبدأ بالكذب عمّن نحن، عن مكان تواجدنا، عن وزننا، عمّا نفعل، عن عمرنا، وضعنا الزوجي ومستوانا الاجتماعي».

بالنسبة إلى الإنتروبولوجيا (علم الإنسان)، يتعلق الأمر بالصورة المثالية التي نرسمها عن أنفسنا، بموروثنا الثقافي والاجتماعي، بأمور متعلقة بالدين، بالتعليم، والتي يعتبر الكذب في شأنها أمراً سيئاً نُعاقب عليه.

بين الشريكين

قد تكذب المرأة على شريكها في ما يتعلق بمشترياتها، أو لتجنب المشاكل من أي نوع كانت، بينما يفضل الرجل أن يكذب عندما يهدد الأمر حياته الزوجية بسبب خيانة ما. وثمة حالات لا يمكن أن نعتبر أنها كذب، بقدر ما هي إعطاء معلومات مغالطة لغض النظر عن أمر معين، أو للخروج من مأزق ما. لكن في الأحوال كافة، يبقى الكذب حلاً وهمياً للمشاكل بين الشريكين، إذ قد يؤدي إلى تفاقم الوضع والمشكلة وفقدان الثقة بين الشريكين، خصوصاً بعد كشف أول كذبة.

مهما كانت الكذبة صغيرة أو كبيرة، يبقى من المهم التيقظ دوماً إلى أن ما يحفظ العلاقة بين شريكين هي الثقة المتبادلة، إن انكسرت فالعلاقة برمتها ستصبح في خطر...

back to top