وسط رفض شعبي متصاعد، يتوجه اليوم رئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد المستشار حسام الغرياني لتسليم الرئيس محمد مرسي النسخة النهائية لمسودة الدستور، التي أنهت الجمعية التصويت عليها صباح أمس بعد جلسة ماراثونية امتدت لنحو 17 ساعة متصلة، لم يقطعها سوى دقائق معدودة للصلاة أو الاستراحة.

Ad

وسيعلن الرئيس مرسي اليوم، عقب تسلمه المسودة النهائية، موعد طرح الدستور للاستفتاء الشعبي، وفقا لما قالته مصادر بـ"التأسيسية" لـ"الجريدة"، وسط تأكيد مصادر قريبة من الرئاسة أنه سيدعو الشعب للاستفتاء يوم 15 من الشهر الجاري، وهو الدستور الذي يلقى رفضا شعبيا وعدم توافق سياسي تمثل في انسحاب ممثلي القوى المدنية والكنيسة وعدد من النقابات العمالية.

وبينما أعلنت الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة أمس رفضها للإعلان الدستوري، تنظر المحكمة الدستورية العليا غداً دعويين، الأولى حل مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) ومنازعة التنفيذ المقامة من محامين ضد الجمعية التأسيسية، والثانية لهيئة مفوضي المحكمة لتحضير منازعة أقامها محام لإلغاء الإعلان الدستوري الأخير، وسط توقعات بحل "التأسيسية" في إطار الحرب المعلنة بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية الغاضبة التي يواصل أعضاؤها اعتصامهم بمقر ناديهم لليوم الرابع على التوالي حتى إسقاط الإعلان.

وقال المتحدث الرسمي لجبهة الإنقاذ الوطني، التي تضم القوى المدنية وأحزابها، حسين عبدالغني لـ"الجريدة" إن "الجبهة ترفض الدستور الذي أنتجته الجمعية لأنها باطلة بحكم القضاء ومطعون في شرعيتها"، معتبراً التصويت على الدستور ليلاً مهيناً للشعب.

واتهم لسان حال جبهة الإنقاذ الوطني الرئيس مرسي بالمراوغة من خلال الإعلان الدستوري الكارثي الذي لم يكن في الحقيقة إلا قنبلة دخان لكي يمرر الدستور المعيب، مضيفا: "عازمون على استكمال أهداف الثورة أو الموت شهداء، وسنلجأ إلى وسائل التصعيد السلمية المدنية كالتظاهر والاعتصام والعصيان المدني".

وتعرض الرئيس مرسي لموقف بالغ الحرج، أثناء تأديته لصلاة الجمعة بأحد المساجد بحي التجمع الخامس شرق القاهرة، فقد هتف المصلون "يسقط يسقط حكم المرشد"، رداً على خطبة إمام المسجد الذي أعلن تأييده للإعلان الدستوري ومهاجمته القضاة، إلا أن مرسي تدخل لاستيعاب الموقف بحديثه لجموع المصلين وترديده معهم "يسقط حكم الاستبداد"، مؤكدا أنه يرحب بالحوار والرأي الآخر وأن التعبير عن الرأي حق لكل مواطن.

حلم الشهيد

ووسط مخاوف من أفول الديمقراطية الوليدة، احتشد مئات الآلاف في ميدان التحرير بوسط القاهرة وعدد من الميادين الكبرى في المحافظات لإحياء مليونية "حلم الشهيد" وللتعبير عن تمسكهم برفض قرارات مرسي والإعلان الصادر في 22 من الشهر المنصرم.

وارتفعت حدة لهجة الرفض الشعبي لمرسي بعد حديثه للتلفزيون المصري مساء أمس الأول، الذي جاء مخيبا للآمال، وفقا لمراقبين، مع عدم تطرقه إلى أي من القضايا التي تشغل الرأي العام، ودون الكشف عما سماه "مؤامرة ضده". وصعد المتظاهرون في ميدان التحرير هتافاتهم لتصبح "الشعب يريد إسقاط النظام" و"مرسي لازم يمشي" و"مرسي زي مبارك".

وانطلقت العديد من المسيرات الحاشدة أمس عقب صلاة الجمعة تجاه ميدان التحرير من الأحياء القريبة من قلب القاهرة، وقاد التظاهرات رموز التيارات المدنية، وعلى رأسهم رئيس حزب التحرير محمد البرادعي ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي.

 والتقت المسيرات في ميدان التحرير الذي امتلأ عن آخره، ما يمثل نجاحا للقوى المدنية التي استطاعت الحشد للمرة الثانية في أقل من أسبوع دون استعانة بالإسلاميين الذين فضلوا الاستمرار في التجهيز لمليونية "الشرعية والشريعة" اليوم بميدان "نهضة مصر" غير بعيد عن جامعة القاهرة بعد ضغوط مارسها حزب "النور" السلفي على جماعة "الإخوان المسلمين" لنقل المليونية من التحرير تجنبا لأي اشتباك مع المعتصمين حتى سقوط الإعلان الدستوري.

تطمينات أمنية

إلى ذلك، وجه مصدر أمني رفيع المستوى رسالة طمأنة إلى الشعب أمس، بأن الأجهزة الأمنية لم ولن تكون أداة لقمع المتظاهرين. وقال لـ"الجريدة": "لن يكرر الأمن ما حدث مع الشعب خلال ثورة يناير، مهما حدث".