فلينظر أحدكم... من يحب!

نشر في 06-09-2012
آخر تحديث 06-09-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري ... وأظن أيضاً أن المرء على دين حبيبته!

الحبيبة الغيمة تحرضّك لأن تكون مطرا، أو فرحة عشب،

الحبيبة الشوكة تجعل منك جرحا،

الحبيبة المليئة بالسهول الخضراء، والظل، وغدران الماء تجعل من قلبك غزالة، وتطيّر نبضاته حمائم وعصافير، وتشكّل من شرايينه غصوناً تتفيأها أسراب القطا،

الحبيبة المليئة بالجفاف، وتجاعيد الأرض اليابسة، جحيم النهار القائظ، وزمهرير الليل الشتائي، تلك الحبيبة لابد أن تحيلك إلى غصن شجرة صبّار، أو حزمة «عرفج» لا تصلح سوى... للحرق ومصيرها الرماد!

الحبيبة الرؤوفة العطوفة، مظلة الحنان تستطيع تقليم أظافرك وأنت مستسلم بكل هدوء كقطة أليفة، تستطيع «أنسنتك»، تمتد يدها مخترقة أضلعك لتغسل ثياب قلبك المتّسخة بطين «الأنا»، وتنشرها على حبال النور في الهواء الطلق، لتتعطر الثياب برائحة المحبة لكل ما تهب الحياة.

تلك الحبيبة قادرة على نفض التراب عن جوهرك الإنساني لتعيد صياغة فهمك لتصنيفك الجنسي، قادرة على أن تجعلك تدرك أن سلطتك الذكورية التي أخذتها لأسباب لا دخل لكما بها، ولا لفضل أحدكما على الآخر، لا تغريك بأن تتخلى عن قيمك الإنسانية، وحسّك الجمالي للحياة التي تكمّلها حبيبة!

أما الحبيبة المتسلّطة التي تشن حرباً ضارية فتهدف إلى تبادل الصلاحيات الاجتماعية حتى قبل أن تفكّر ولو مجرّد تفكير بحقك في التفاوض على الأقل، تلك الحبيبة تستفز أقبح ما في ملامحك الخفيّة السيئة والتي حاولت سنينا جاهداً لإعادة تأهيلها، وتهذيبها، تلك المرأة قادرة على تحويلك إلى عاصفة غبيّة لا تفقه قيمة الجمال، تكسر في طريقها آنية الزهور المعلقة على شرفات المنازل، تطفئ الكلمات التي تسيل شموعا تزخرف عباءة الليل بحجر النور الكريم، تخرّب أعشاش الطيور التي تبني مكاناً آمناً لها على أغصان شجرة المشاعر، تلك المرأة تستفز فيك تلك العاصفة التي تكرهها أشرعة الصيادين البسطاء الذين يقتاتون الدعاء لله بأن يجعل اليوم هادئا كثير البركات.

الفرق بين الحبيبتين أن الأولى صحيح أنها في النهاية تعيد صياغة الصلاحيات بينك وبينها كالحبيبة الأخرى، إلا أن الحبيبة الحنونة تنتزع منك ما يُدمي إنسانيتك قبل أن يدمي إنسانيتها، تنزع ذلك العشب المضرّ بأرض محبتكما، أما الأخرى فلا يهمها ما تدمّره في سبيل تعديل هذه المفاهيم التي تحوّلت إلى طيور جرادٍ تأكل محاصيلكما التي سقيتماها بماء تآلفكما الأخضر، هي فقط تريد التدمير لأجل التدمير لا لخلق حياة جميلة تجمعكما ضمن صورة يضمها برواز يحبه الطرفان.

مثل هذه الحبيبة تجبرك على أن تفكر أولا أن تحاول حماية كل ما تظنّه حق لك، قبل حتى أن تفكّر في أهمية ما ستخسره من ذلك الحق، بل انه يصبح لديك شعور بعظمة ما ستخسره حتى لو كانت ليست له قيمة تستحق!

هذه الحبيبة تقوي «الأنا» فيك ورغبة الامتلاك!

إن جوهر الحبيبة يؤثر قطعاً على تشكيل ملامح الحبيب، يعيد رسم آفاقه ويلوّن أجنحتها،

الحبيبة التي ستحبها ستترك على شخصيتك أثر بصمتها الذي لن يمحى ربما إلى آخر العمر، فتأنّى كثيرا في اختيارها.

back to top