النجار: مشكلة الدوائر قديمة... والأزمة الحالية تعكس حالة مرضية لنظامنا السياسي
«شهدنا كوارث عند التخلي عن الدستور كأزمة المناخ والغزو العراقي الغاشم»
ذكر د. غانم النجار أن الديمقراطية هي لتقنين الصراع السياسي، وليست إجراء إدارياً لتسيير الأمور، مضيفاً أن الديمقراطية صراع مبني على قواعد، ومن ثم فإن الصراع السياسي يعتبر أمراً طبيعياً، ومن المفترض أن يتم التعامل معه على قاعدة الدستور.أكد استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار أن 50 عاما فترة كافية لكي يكون هناك تقويم جيد للدستور، مشيرا الى ان الكويت تمر في هذه الحقبة بأزمة سياسية انعكاسا للحالة المرضية التي يمر بها النظام السياسي، وهذه الازمات تحدث الآن وستستمر في المستقبل.جاء ذلك في ندوة نظمتها امس الامانة العامة لمجلس الامة بالتعاون مع كلية العلوم الاجتماعية تحت عنوان "الدستور الكويتي بين المبدأ والتطبيق"، وحاضر فيها د.غانم النجار بحضور عميد كلية العلوم الاجتماعية د.عبدالرضا اسيري.وأوضح النجار أن وجود الدستور يعد عنصر القوة للمجتمع، والجميع يتفق على انه قائم، فعندما تم اصدار الدستور قبل 50 عاما تم الاتفاق على تطويره بعد 5 اعوام، ولكن لم يحدث هذا الامر، مشيرا إلى أن الدستور لم يكن نبتا شيطانيا او كما يتصور البعض بأنه جاء من الخارج، بل انه مجموعة من القيم الاساسية التي بدأت في هذا المجتمع.وذكر ان الدستور في اي دولة كان يأخذ بطابع العقد الاجتماعي المكون من مجموعة فئات اجتماعية، ولكي يتم اثبات أن هذا الدستور كان جزءا من سياق وليس حدثا اصبح في عام 1962، فان عام 1962 شهد تجربة المجلس التشريعي والرابط بين الدستور وكان عبداللطيف ثنيان الغانم رئيس المجلس التأسيسي وكان احد اعضاء في المجلس التشريعي، وكان امير البلاد في عام 1962 الراحل الشيخ عبدالله السالم رئيسا للمجلس التشريعي، وكانت فكرة الدستور هي نقل الكويت من امارة الى دولة تحكمها مجموعة من القواعد، في حين امتدت ذروة الازمة السياسية بالكويت من عام 1959 حتى الاستقلال. اختيار الدستوروشدد النجار على ان الحل الامثل كان اختيار الدستور من خلال انتخاب المجلس التأسيسي الذي استمر فترة زمنية من غير مواجهة ضغوط حتى تم الانتهاء من انشاء الدستور، وتم التصويت على الدستور بأمر من الشيخ عبدالله السالم، موضحا ان مشكلة الدوائر الانتخابية ليست وليدة اليوم بل جاءت مع مجيء الدستور عندما طالب عدد من التيارات الموجودة في تلك الحقبة بأن تكون الكويت دائرة واحدة، في حين كانت الاسرة الحاكمة ترى ان الـ20 دائرة هو الافضل، وبالنهاية تم الاتفاق على حل وسط بتوزيع المناطق على عشر دوائر انتخابية، ولكن بعد هذا الحل صدر مرسوم بأن تكون عشرين دائرة مما ادى الى مقاطعة بعض الاطراف، وهذه ليست بجديدة علينا بل تتكرر في كل فترة وتعتبر سلوكا للعملية السياسية في الكويت، ليتم سحب المرسوم وتقديم آخر مكانه ينص على عشر دوائر، ليتم حل الازمة وانتخاب المجلس التأسيسي، ولم يصمد الدستور كثيرا ليواجه ازمة اخرى في عام 1964، عرفت بأزمة المادة 131 من الدستور حيث انسحب عدد من اعضاء المجلس خلال الوقت الذي ستؤدي به الحكومة القسم، وكان وقتها الامير عبدالله السالم خارج البلاد، وارسل رئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ صباح السالم الصباح خطابا رسميا بحل المجلس لعدم تعاونه مع الحكومة، وتم حل المشكلة بتغيير بعض الوزراء بمشورة من الشيخ عبدالله السالم الذي علم بأن الازمة كانت مفتعلة.واضاف: "في عام 1981 ارادت الحكومة تنقيح الدستور من خلال مجلس الامة، فقامت بتغيير الدوائر الانتخابية من 10 لتصبح 25 دائرة، لضمان اغلبية برلمانية الا ان هذا الامر لم يحدث عندما تقدمت الحكومة لتنقيح الدستور عام 1982 بعد ان تم رفضه من اغلبية الاعضاء ليكون 27 عضوا ضد هذا القرار، وليسجلوا موقفا شعبيا ضد اي نوع من انواع التلاعب في الدستور، وفي عام 1986 فرضت الرقابة على الصحافة.كوارثوقال النجار ان كوارث حلت عند التخلي عن الدستور، وتمثلت الكارثة الأولى بازمة المناخ اما الثانية في الغزو العراقي الغاشم، موضحا انه في اثناء ازمة الحكم في عام 2006، لو لم يكن التفاهم على قاعدة الدستور لما علمنا كيف تسير الامور، بسبب الخلافات التي وجدت، ولكن من خلال الرجوع الى الدستور فقد تم حل الازمة بعد التصويت بالاجماع على اختيار صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح لينقذ الدستور الكويت والاسرة الحاكمة.وذكر النجار أن الديمقراطية هي لتقنين الصراع السياسي وليست اجراء اداريا لتسيير الامور. انها صراع مبني على قواعد وبالتالي يعتبر الصراع السياسي امرا طبيعيا، ومن المفترض ان يتم التعامل معه على قاعدة الدستور.وشدد على أن المخرج من الازمة الحالية يتمثل بالاحتكام الى الدستور، وتصريح سمو الامير واضح بقبول الاحتكام الى المحكمة الدستورية في قضية تغيير الدوائر الانتخابية من اربعة اصوات الى صوت واحد.واشار الى ان على الحكومة ان تتجه الى المحمكة الدستورية، ولا داعي الى الحل السياسي، وعلى المعارضة ان تؤكد التزامها بحكم المحكمة للخروج من هذا المأزق، ويجب ان تتم معرفة كيفية التعامل مع كل ازمة فمهما كان حكم المحكمة يجب على الجميع تقبله.