استغناء أميركا عن نفطنا والفراغ الأمني
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
ما أعلن عنه التقرير من استغناء أميركا عن نفطنا في عام 2017 وهو تاريخ قريب جداً، وتحقيقها للاكتفاء الذاتي في عام 2035 لا يفزعنا اقتصادياً، وإن كان يتطلب انتباهنا، إذ إن الطلب على الطاقة آسيويا في تصاعد والعملاق الصيني يعتمد حالياً بنسبة 58 في المئة على النفط المستورد بالإضافة إلى متطلبات القارة الهندية المتنامية وكذلك دول النمور الآسيوية، ولكن المقلق في التقرير هو البعد الأمني، فاهتمام الولايات المتحدة الذي يبتعد اهتمامها عن المنطقة تدريجياً سيليه انسحاب متزامن للتواجد العسكري في الخليج وهو الأمر المتوقع بعد الجدل الدائم منذ 25 عاماً في أميركا بشأن مقايضة النفط بدماء أبنائه الذين قاتلوا في المنطقة وحولها لتأمين الإمدادات النفطية لها وللعالم، وهو التوجه الذي تبثه إدارة أوباما الديمقراطية في معاهد الأبحاث والدراسات الاستراتيجية بتقليص التواجد الأميركي في المنطقة مع استمرار دعم الحليف الأصيل لها وهو إسرائيل دون التورط المباشر فيها.المهم في تداعيات هذا التقرير، هو الفراغ الأمني الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من منطقة الخليج العربي... ومن سيملأه؟ وهو التساؤل الذي يتم تداوله بين المراقبين السياسيين والعسكريين، إذ يرجحون أن يكون ذلك التساؤل محوراً جديداً يخلق بين الدول الآسيوية المتعطشة للنفط شريكا في المنطقة لملء ذلك الفراغ، ستكون مكوناته على الأرجح، الصين والهند وإيران، خصوصاً أن الصين أصبحت قريبة من المنطقة من خلال قواتها البحرية العاملة في بحر العرب والبحر الأحمر لمحاربة عمليات القرصنة هناك التي تنطلق من الشواطئ الصومالية. المهم أن الوضع سيكون بالغ الحساسية والأهمية في السنوات المقبلة، ويتطلب من الدول الصغيرة التي بحجمنا أن تفتح أعينها على ما يجري حولها لتؤمن بقاءها وأمنها وتنسج تحالفات وتضع تدابير حتى لا تباغت بأحداث تهدد وجودها، لذا نتمنى مع الصخب الدائر حول قضايانا الداخلية أن يتداعى مفكرونا والمتخصصون في مناقشة تلك التطورات، وبودنا لو انطلقت حلقات نقاشية حول تطورات استغناء أميركا عن نفط الخليج وأثره علينا من أمثال د. عبدالرضا أسيري وسامي الفرج ومحمد الحرمي وحجاج بوخضور وغيرهم من أصحاب الاختصاص.