نظام الأسد هو المسؤول!
مدانة هذه الانفجارات التي تضرب سورية وتسقط أعداداً متزايدة من الأبرياء بغض النظر عمن يقف وراءها، سواء النظام أو المعارضة أو تنظيماً تخريبياً له صلة بـ"القاعدة" أو إسرائيل، نعم إسرائيل ولما لا؟... طالما أنها بدأت تتحول من الحفاظ على بشار الأسد إلى تخريب هذا البلد العربي الذي يقف على خط المواجهة معها، فقتل حتى شخص واحد من أبناء الشعب السوري بدون ذنب يعتبر جريمة إنسانية لا تغتفر.لكن ومع ضرورة شجب هذه الانفجارات، التي تصر المعارضة على أن النظام نفسه هو الذي يقوم بها، لتأكيد أنه يواجه عنفاً ومنظمات إرهابية، فإنه لابد من تحميل هذا النظام مسؤولية هذه الجرائم، فقد بادر إلى اللجوء إلى الحلول الأمنية والعسكرية لمواجهة حركة مطلبية سلمية، لم تكن في البداية ترفع شعار تغيير الحكم، وكانت تكتفي بالمطالبة ببعض الإجراءات التحسينية الإصلاحية. لسبعة أشهر ويزيد بقيت المعارضة تتخذ طابعاً مدنياً وسلمياً، مع أن هذا النظام بدأ التصعيد والعنف منذ اللحظة الأولى، عندما تعامل مع تصرفات بريئة قام بها أطفال متأثرون بما كان يجري في مصر وفي تونس وفي ليبيا بمنتهى القسوة، وبمنتهى اللاأخلاقية وبمنتهى تعمد إهانة شعب من المفترض أنه شعبه، وأن كرامته فوق كل اعتبار، وأهم من كل الاعتبارات السلطوية.
كانت كلها سلمية هتافات الأشهر السبعة الأولى التي واجه بها المتظاهرون، ومعظمهم من الشبان والأطفال الأبرياء، رصاص "أشاوس" الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري و"الشبيحة"، الذين جرى استيراد بعضهم من الخارج من ميليشيات حزب الله، ومن مجموعات قاسم سليماني، التابعة لما يسمى زوراً "فيلق القدس"، التابع لحراس الثورة، وكان من الممكن ألا تسقط قطرة دم واحدة لو أن هذا النظام الدموي تصرف بطريقة مختلفة، وعلى أساس أن هذا الشعب شعبه، وأنه بالإمكان التعامل مع مطالبه المحقة بالتسامح، وكتعامل أي حاكم عاقل غير مصاب بداء الغرور مع شعبه.أما عندما يبادر هذا النظام ومنذ اللحظة الأولى إلى اتباع درس مذابح "حماة" في عام 1982، منطلقاً من أن هذا الشعب لا يمكن إسكاته إلا بأقصى درجات العنف والقسوة، فإنه أمر طبيعي أن يلجأ السوريون، الذين غدت دماؤهم تسيل في الشوارع، إلى العنف المضاد، وأمر طبيعي أن يخرج من بين صفوف هذا الجيش "الأسدي" ضباط وجنود شرفاء، ويشكلون الجيش "الحر" للدفاع عن أهلهم وأطفالهم وأعراضهم.لقد كان متوقعاً أن تؤدي كل هذه القسوة المفرطة، التي واجه بها هذا النظام، الذي بقي جاثماً على صدور السوريين لأكثر من أربعين عاماً، وأن يؤدي كل هذا التمادي في قتل الأطفال وتدمير المنازل وهتك الأعراض إلى أن يختار الشعب السوري أصعب الخيارات، وأن يلجأ إلى التسلح للدفاع عن نفسه وعن أطفاله وعن كرامته، ولذلك فإن نظام بشار الأسد هو الذي يتحمل مسؤولية كل هذا الذي يجري، وهو الذي سيقف ذات يوم قريب أمام محكمة التاريخ، ليحاسب على جريمة دفع سورية دفعاً إلى الانقسام والحرب الأهلية التي هي حقيقة بدأت منذ لحظة مواجهة مظاهرات درعا السلمية بالرصاص وبقذائف المدافع وبجنازير الدبابات وبالمذابح التي ارتكبها "الشبيحة" وارتكبتها الأجهزة الأمنية التي يصل عددها إلى نحو عشرين جهازاً.