ومن الحسين... ما زلنا نتعلم
كثيرة هي الحكم التي نسمعها ونرددها، وأكثر هي عبارات الإعجاب التي نطلقها حول مواقف الشخصيات التاريخية، ورموز النضال الإنساني والثوري، نتخيل أنفسنا مكانهم وفي مواقفهم أو حتى من ضمن زمرتهم، نتناقل مآثرهم في مواقع التواصل الاجتماعي ونزين أحاديثنا وكلماتنا بهم، وعند أول اختبار يا له من فشل ذريع، حيث ننسى كل ما سمعناه عن شيم الصبر والشجاعة والبطولة والإنسانية والتواضع.السلام على سيد الشهداء الحسين بن علي، ألا إن قصة الحسين بن علي عليه السلام لهي من القصص الخالدة في تاريخ الإنسانية جمعاء، ولا أتكلم هنا من ناحية دينية أو من ناحية مذهبية، بل أتكلم من ناحية إنسانية صرفة، والكثير من عظماء الإنسانية الذين تحدثوا عن قصة ثورته الخالدة التي انتصر فيها الدم على السيف يؤكدون ما أقصد وما أريده من هذا الحديث، إننا مازلنا نتعلم كيف أن أعظم الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر، وأن الحق أبداً لا يقاس بالأعداد وبالعتاد، فهو حق قلّ مناصروه أو زادوا، ومازلنا نتعلم كيف أن المبدأ هو من يخط طريق سيرنا الذي إن لم نحد عنه نلنا احترام الجميع أولهم من كان يخالفنا، وإننا إن حدنا عنه لمصالح آنية أو قصيرة المدى، فلن تذكرنا سوى مزابل التاريخ... وإن حاولت تلميعنا.
لكن كم شخصاً منّا يتأثر بكلام الحسين عليه السلام وبطولته، ويفعل فعل جيش الظلم ممن حاربه، الذين قالوا له "إننا نحاربك بغضاً منّا لأبيك"؟ كم منّا يسير على هذا المنهج في وقتنا الحالي، فيختار مواقفه تبعاً لمن يخالفه لا تبعاً لما يراه صحيحا؟ كم شخصاً وقف ضد ثورة البحرين أو سورية بسبب أشخاص من قاموا بها؟ كم منّا اتخذ موقفه بالمشاركة أو المقاطعة كرهاً بالطرف الآخر لا إيماناً بما يعتقد؟! كم شخصاً صفق للحكومة كرهاً بالمعارضة؟ وكم شخصاً عارض كرهاً بشخوص الوزراء؟! مازلنا نتعلم من الحسين عليه السلام كم أن الوقوف على المبدأ طريق صعب وعر ليس مفروشاً بالورود، ولكننا تعلمنا أن العزة والكرامة والرضا عن النفس لا تكون إلا بالسير على هذا الطريق.جميلة هي الكويت عندما أرى الأخوة السنّة يحرصون على إخوانهم الشيعة كي لا ينسوا سهمهم من "الطباخ"، والأخوة الشيعة يحرصون أن يصل هذا السهم للإخوة السنّة قبل الجميع ليكون هو "فطور" مائدتهم وصيامهم يوم عاشوراء... أبناء الكويت تقبل الله صيامكم، وعظم الله أجوركم... هكذا أريد أن أرى الكويت.