كان يجب أن يفعل مرسي ما فعله!
كان يجب أن يبادر الرئيس المصري إلى القيام بالخطوة "الدراماتيكية" التي قام بها ويجري التعديلات التي أجراها بتغيير وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان وآخرين، فأي قاطرة برأسين لا يمكن أن تسير في الاتجاه المطلوب، وأي بلد في الكرة الأرضية فيه قراران سينتهي بالنتيجة إلى الصدام وربما إلى الحرب الأهلية وانقلاب أحد الرأسين على الآخر.لقد مرَّت سورية، التي تعيش الآن هذه الحالة المرعبة، بهذه الحالة، أي حالة الرأسين والقرارين، منذ عام 1968 وحتى انقلاب عام 1970 الذي أسماه صاحبه "الحركة التصحيحية" حيث بقيت البلاد مرتبكة وتدور في حلقة مفرغة وحيث أصيب الشعب السوري ومعه الحزب الحاكم وكل مؤسسات الدولة بالحيرة بين ما يريده حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع وعضو القيادة القومية وبين القيادة المدنية، أي رئاسة الجمهورية والرئيس نور الدين الأتاسي ورئاسة الوزراء وعلى رأسها الدكتور يوسف زعين والقيادة الحزبية التي كان على رأسها صلاح جديد، وهكذا فقد بقيت الأمور في البلاد معطلة إلى أن قام وزير الدفاع بعدما سيطر على الجيش سيطرة تامة بانقلابه العسكري الآنف الذكر.
وكذلك فقد مر اليمن بعد انتهاء التشطير وتوحيد الجنوب والشمال وذوبان الدولة الجنوبية بعد سلسلة انقلابات داخلية دموية في الدولة الشمالية وانتقل علي سالم البيض من عدن ليعيش في صنعاء كنائب لرئيس دولة الوحدة، لكنه بقي يتصرف على أن قراره بمستوى وقوة قرار رئيسه وبقي يشعر أنه الأحق بالرئاسة الأولى من علي عبدالله صالح الذي كان ينظر إليه على أنه قبليٌّ جاهل ومتخلف وأنه وصل إلى الموقع الذي وصل إليه بالحيل والألاعيب والمناورات وأيضاً بالتصفيات السياسية والجسدية. وكانت النتيجة، بعد فترة شللٍ عاشتها البلاد بسبب وجود قرارين ورأسين، أن كانت هناك الحرب الأهليـة الطاحنة في عام 1994 التي انتصر فيها علي عبدالله صالح على نائبه وعلى الحزب الاشتراكي معتمداً على العامل القبلي في "الشطر الشمالي" وعلى بعض أطراف المعادلة الاقليمية والدولية.وهذا كان من الواضح والمؤكد أنه سيحصل في مصر بعد تجربة ما بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وقبلها، ولذلك فقد كان لابد من ان يحصل ما حصل يوم الأحد الماضي وأن يقوم محمد مرسي بما يخرج البلاد من حالة التأرجح التي كانت تعيشها، وبما يجعل المسؤولية محصورة بجهة واحدة حتى لا يبقى كل طرف يحمِّـل الطرف الآخر وزر تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسيـة وفي المجالات كافة وعلى كل الصعد.الآن وبعد هذه الخطوة أصبح الإخوان المسلمون يتحملون مسؤولية كل شيء وأصبحوا يقفون أمام التطلعات والمطالب الشعبية وجهاً لوجـه وحيث لم يعد بإمكـان محمد مرسي أن يعلق عجزه وأخطاءه وتقاعسه على مشجب المجلس الأعلى للقـوات المسلحة فالأمور كلهـا غدت بيده وبأيدي "إخوانـه" وهذا وضعهم في فترة اختبار قد تطول وقد تقصر، لكنها وفي كل الاحوال إمَّا أن تعطيهم الثقة الشعبية حتى نهاية هذه الولاية ولولاية ثانيـة وثالثـة وربما لرابعة وإما أن يفشلوا وتذهب ريحهم فتنزعها منهم وتعطيها لغيرهم.