كتب الرئيس الأميركي باراك أوباما التاريخ مرة جديدة أمس، إذ أصبح أول رئيس أميركي في السلطة يزور بورما، التي بدأت حديثاً مرحلة التخلّص التدريجي من الحكم العسكري، موجهاً منها أمس، نداءً لإحلال ديمقراطية متكاملة، وذلك في ختام زيارة استغرقت بضع ساعات، وأتاحت للحشود الفرِحة في رانغون، الترحيب بشخصية يعتبرونها «أسطورة».

Ad

وعبر الرئيس الأميركي رانغون، العاصمة السابقة للبلاد التي ازدانت بالأعلام الأميركية والتي كانت لا تزال منذ فترة قصيرة العدو اللدود لها، في حين احتشد عشرات آلاف الأشخاص والطلاب الذين ارتدوا الزيّ التقليدي البورمي على جانبي الطريق وحملوا الأعلام وردد بعضهم بفرح: «أميركا».

وحمل البعض أيضاً يافطات كتب عليها: «أهلاً أوباما» أو حتى «الأسطورة، بطل عالمنا».

خطاب رانغون

وقال الرئيس الأميركي في خطاب طويل ألقاه في جامعة رانغون، أحد أبرز مراكز النضال من أجل الديمقراطية والتي أغلقها المجلس العسكري الذي حكم البلاد سابقاً بعد تظاهرات عنيفة في عام 1988، أن «الولايات المتحدة معكم». وأضاف أن «هذه الزيارة المميزة تبدأ للتو وستكون طويلة أكثر». وقال: «يجب ألا تنطفئ شعلة التقدم الهشة، يجب أن تتحول إلى نجم يرشد شعب الأمة».

كما تطرّق الرئيس الأميركي إلى أعمال العنف الإثنية التي وقعت في غرب البلاد والتي أسفرت عن سقوط 180 قتيلاً بين بوذيين من إثنية الراخين ومسلمي إثنية الروهينغا المضطهدين في عهد النظام العسكري السابق.

وقال: «لقد واجه شعب هذا البلد بما فيها إثنية الراخين، فترة طويلة فقراً مدقعاً واضطهاداً»، داعياً إلى إنهاء العنف الديني في غرب بورما، معتبراً أنه «ليس هناك عذر» للعنف ضد المدنيين. وأضاف أن «الروهينغا يتمتعون بالكرامة نفسها مثلكم ومثلي. المصالحة الوطنية ستأخذ وقتاً لكن حان الوقت لوقف الاستفزازات والعنف من اجل إنسانيتنا المشتركة ومستقبل هذا البلد».

واعتبر الرئيس البورمي الجنرال السابق ثان سين نهاية الأسبوع الماضي، أن على بلاده أن تسوي ذلك الملف وإلا فإنها «ستفقد سمعتها على الصعيد العالمي».

أما بشأن ملف المعتقلين السياسيين الشائك، فقد وعد الرئيس البورمي بوضع آلية قبل نهاية السنة لدراسة كل الحالات، بينما أعلن ناشطون من المعارضة صباح أمس، الإفراج عن 44 من رفاقهم.

لقاءات ثنائية

وأجرى أوباما محادثات في رانغون مع ثان سين الذي كان وراء إطلاق سلسلة إصلاحات في البلاد منذ وصوله إلى السلطة قبل سنة ونصف السنة. واجتمع الرئيسان في مبنى البرلمان المحلي في رانغون.

وبعد ذلك التقى أوباما زعيمة المعارضة التي أصبحت نائبة أونغ سان سو تشي في منزلها، وذلك للمرة الثانية، إذ سبق أن التقى الحائزان جائزة نوبل للسلام (1991 و2009) في المكتب البيضاوي في واشنطن في سبتمبر الماضي.

وصرحت سو تشي بأن «اللحظة الأكثر صعوبة في المرحلة الانتقالية هي عندما يكون النجاح في المتناول، يجب علينا حينها أن ننتبه جداً كي لا يخدعنا سراب النجاح».

وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على المجلس العسكري الحاكم سابقاً اعتباراً من نهاية التسعينيات من القرن الماضي. لكن تم رفعها كلها تقريبا في الأشهر الماضية بينها الحظر على واردات المنتجات البورمية الذي أُعلِن يوم الجمعة الماضي.

إلى كمبوديا

بعد ذلك، غادر أوباما بورما إلى كمبوديا، التي وصل إلى عاصمتها بنوم بنه أمس، لتكون المحطة الثالثة والأخيرة من جولته في المنطقة التي أصبحت استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة.

ويشارك الرئيس الأميركي في بنوم بنه في قمة رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) واجتماع لقادة منطقة آسيا -المحيط الهادئ يستمر حتى اليوم، ويحضره خصوصاً قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

(رانغون - أ ف ب، رويترز،

يو بي آي)