من أولى بالإغلاق؟!
إن إغلاق قناة مثل «اليوم» لا يمكن أن يحجب الرأي المعارض الذي تحوّل إلى انعكاس حركي وميداني، والعقلية التي تتوهم بأن هذا الشكل من التعسف والتضييق على الحريات قد يجدي نفعاً في عالم الانفجار الإعلامي والتواصل الاجتماعي السريع والمفتوح والمعقد هي العقلية التي يجب أن تغلق لضحالة تفكيرها وانتهاء عمرها الافتراضي.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
ولعل مداخلة النائب والوزير السابق الأخ شعيب المويزري التي فجّرت مفاجأة جريئة وغير مسبوقة لشخصية تعرف بحيادتيها وهدوئها ومصداقيتها ومن موقع مسؤولية حساسة، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث وعد الرجل بالمشاركة في برنامج خاص ومطول للإسهاب فيما طرحه من قضايا تقشعر منها الإبدان في قضايا الفساد التي يقول الكثيرون إننا فقط نسمع عنها كلاماً في العموم دونما دليل أو شهادة أهل الاختصاص! قد تكون قناة "اليوم" ثقيلة جداً على قلب الحكومة وعلى خصوم المعارضة الحالية، ولكن نفس الثقل موجود عند آخرين تجاه قنوات أخرى تردح بذات الشاكلة ولكن في الاتجاه المعاكس، وهذا بحد ذاته يعكس حجم الانقسام السياسي وعمقه في الواقع الكويتي، نعم قد تكون آثار هذه الخلافات العميقة وتعبئتها إعلامياً سلبية على الجميع ولكن هذا قدرنا، والقنوات الإعلامية حالها حال كل شيء تشرّبت بالسياسة إلى حد الثمالة، وتبقى الحلول اللازمة هي سياسية وفوقية وليس من خلال التعسف ضد هذا الرأي أو ذاك، والقنوات تأتي بعد ذلك في دور مكمّل لأي مشروع من شأنه نزع فتائل الفتن التي لها أول وليس لها آخر.لذلك فإن إغلاق قناة مثل "اليوم" لا يمكن أن يحجب الرأي المعارض الذي تحوّل إلى انعكاس حركي وميداني، والعقلية التي تتوهم بأن هذا الشكل من التعسف والتضييق على الحريات قد يجدي نفعاً في عالم الانفجار الإعلامي والتواصل الاجتماعي السريع والمفتوح والمعقد هي العقلية التي يجب أن تغلق لضحالة تفكيرها وانتهاء عمرها الافتراضي.وأذكر جيداً أنه عندما أغلقت صحيفتا "السياسة" و"الوطن" قبل عدة سنوات، ورغم مواقفهما المعلنة تجاه بعض نواب المعارضة في مجلس 2003 تحديداً كان هؤلاء النواب هم من تصدوا بشراسة لإلغاء القرارات، ونجحوا في إعادة الصحيفتين خلال ساعات وليس حتى أيام، وهذه هي الروح التي يجب أن نتحلى بها تجاه الحريات كمبدأ سواء كانت هذه الحريات مسخرة معنا أو ضدنا!