لهذا يواصل الأسد ذبح شعبه!
منذ أغسطس 2011، أي منذ أن بدأت التحركات العربية والدولية بعد خمسة أشهر من بداية انتفاضة الشعب السوري، لم ينفذ بشار الأسد ولو بنداً واحداً مما كان قد التزم به منذ ذلك الحين حتى الآن، والواضح أنه لن يلتزم بأي شيء، وسيواصل مناوراته وألاعيبه بينما البلاد تذهب إلى الفوضى والحرب الأهلية بخطى سريعة، وبينما ان كل ما يجري وما يقوم به هذا النظام يدل على أن الانقسام المرفوض، الذي هو خيانة وطنية، غدا أحد الخيارات البغيضة المحتملة.إن مشكلة هذا النظام أنه، كما تقول بعض الأوساط الدولية المعنية، مقتنع أنه استطاع استيعاب هذه الأحداث، وسينتصر على "أعدائه" لا محالة، والمعروف أن مثل هذا الكلام كان قد قيل بعد أقل من شهر على بداية كل هذا الذي حدث، حيث قال وزير الخارجية وليد المعلم وقالت أيضاً بثينة شعبان إن الأزمة أصبحت وراء سورية، وما جرى كان أزمة عابرة!
في كل الأحوال... فإن المعروف أن الإجراءات التي بقي يتملص منها النظام، واحداً بعد آخر ومرة تلو أخرى، قد بدأت في أغسطس عام 2011، حيث طالبت الجامعة العربية الحكومة السورية بإنهاء العنف ووقف الهجوم على المدنيين ثم شكلت، أي الجامعة، لجنة بخطة تنفيذية، وقد وقع هذا النظام في أكتوبر هذه الخطة التي تم التوصل إليها في الدوحة، والتي تنص على: وقف كل أعمال العنف والإفراج عن المعتقلين وإخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وفتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية، ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في أنحاء سورية للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد ما يدور من أحداث. وكذلك ولأنه لم يُنفَّذ من هذا أي شيء فقد قررت الجامعة العربية تعليق عضوية سورية في اللجنة الوزارية العربية المكلفة بالملف السوري، كما هددت الجامعة العربية بتنفيذ عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري وحظر السفر على بعض المسؤولين السوريين، وإرسال فريق المراقبين العرب الذي أفشل النظام السوري مهمته، كما أفشل كل هذه القرارات الآنفة الذكر.بعد ذلك ولإصرار نظام الرئيس بشار الأسد على إفشال كل محاولات الجامعة العربية لتطويق هذه الأزمة وحلها بالوسائل السلمية جرى تحويل المبادرة العربية إلى مجلس الأمن الدولي، فكان أن اتُّخذ قرار هؤلاء المراقبين الدوليين، بعد مفاوضات "ماراثونية" منهكة مع كل من روسيا والصين، الذين تمت مواجهتهم، منذ لحظة وصول طليعتهم إلى دمشق، بما ووجه به المراقبون العرب، ويبدو أن نهاية هؤلاء ستكون كنهاية أولئك.لقد بقي نظام الرئيس بشار الأسد يناور ويداور، ويبادر إلى تمييع كل القرارات الصادرة عن الجامعة العربية، وعن الأمم المتحدة ومجلس الأمن وإنهائها، والسبب أنه قد تأكد منذ البدايات من أن الدعم الروسي والصيني سيبقى يحول دون تنفيذ أي من العقوبات التي اتخذها العرب، واتخذها المجتمع الدولي ضده، ولذلك فإن الواضح بل والمؤكد أن هذا النظام سيبقى يسير على هذا الطريق الذي سلكه منذ البدايات، وسيبقى يقتل شعبه بكل هذه الأساليب الوحشية، وسيبقى يدفع سورية إلى التمزق والحرب الأهلية ما لم يواجه بعقوبات فعلية رادعة، وما لم تنفذ كل هذه السلسلة الطويلة من القرارات التي اتخذت ضده حتى وإن اقتضى الأمر استخدام القوة العسكرية.