لاشك أن التحديات الداخلية أمام الرئيس محمد مرسي كبيرة، بل كبيرة جداً وقد زادتها طموحات الشعب المصري الثائر ضخامة وصعوبة، فالبرغم من الانفتاح الاقتصادي والتغييرات التي تمت على النظام الاشتراكي في عهد السادات وحسني مبارك إلا أن مستوى الفقر قد ارتفع بين شرائح المجتمع، وزاد التذمر من مستوى الخدمات العامة التي تقدمها الدولة لهم. وأصبح الناس يتكلمون عن الحاجات الضرورية للعيش بكرامة، كالنظافة والصرف الصحي، والعجز عن توفير الدواء، ومستوى التعليم، والمواصلات، وارتفاع الأسعار، ونقص الكهرباء والغاز، إلى آخر القائمة الطويلة من الحاجات الضرورية للعيش الكريم.
ومن التحديات الأخطر أيضاً النفس الطائفي الذي بدأ يدخل بقوة إلى الشارع المصري في السنوات الأخيرة والذي يحاول بعض السياسيين تضخيمه ورفعه في وجه الرئيس بسبب انتمائه إلى التيار الإسلامي الذي يحاولون جاهدين اتهامه بالطائفية ورفض الآخر.ومن التحديات أيضاً تربص الأحزاب التقليدية المنافسة للإخوان المسلمين بالرئيس ومحاولة إظهاره بالعجز أحياناً وبالخروج على الدستور والقانون أحياناً أخرى، وستظل تلك الأحزاب تنتظر الحدث أو الموقف الذي يتيح لها ذلك، كما أنها لن تتوانى عن استخدام كل أدواتها وأسلحتها للنيل منه وتقصير مدة ولايته ما أمكنها ذلك، وأرجو ألا يفسر كلامي هذا بأنه طعن في نوايا القائمين على تلك الأحزاب، لكنها المنافسة السياسية واختلاف السياسيين في تفسير المصلحة الوطنية العامة، وفي كل الأحوال ستبقى هذه الممارسات تحدياً خطيراً أمام الرئيس وعهده السياسي ومقيداً أو دافعاً له في أداء مهمته الكبيرة.هذه التحديات وغيرها كثير ستظل الشاغل الأكبر للرئيس والهاجس الذي لن يفارق تفكيره والاختبار الرئيسي له في حكمه، والعامل الأساسي لنجاح حزبه في الشارع المصري، والميزان الذي سيزن به الناس تجربة حكم الإسلاميين وقدرتهم على تحمل المسؤولية السياسية في دولة لها وزن كوزن مصر، فهل يقدر الرئيس محمد مرسي لو انشغل بكل تلك التحديات وانغمس في إيجاد الحلول لها، والتخفيف منها أن ينشغل عن دور مصر العربي، والإقليمي والدولي؟ بالطبع لا فمصر لا يمكن إلا أن تكون الجناح الذي تطير به الأمة العربية إلى حلمها وطموحات شعوبها، والقلب الذي تنبض به القارة الإفريقية لتظل حية تسعى لتحقيق كرامتها، والجسر الكبير الذي يربط العالم الثالث بالدول المتقدمة لتحقيق السلام والاستقرار العالميين.
أخر كلام
كلمة راس: مصر بين التحديات والتطلعات (1-2)
09-09-2012