بعد قراءة تجربة شرق أوروبا اتضح أن التغيير تم في فترات «الفراغ السياسي» لتلك الدول، حتى أصبحت المصلحة السياسية والعدالة أساسين في الاختيار، أما الخيارات الدستورية فقد تختلف بين الديمقراطيات الحديثة والراسخة القديمة، وتبقى الأهداف هي الاستقرار والارتقاء بالديمقراطية المرنة.

Ad

واكب تطور الحياة المعاصرة وثورة الاتصالات تعقيدٌ في المشاكل والقضايا السياسية التي تواجهنا كشعوب عربية، وأتى الربيع العربي لتجتاح آثاره مجالس ودساتير الانتخاب، وكأنه ربيع من نوع آخر، ربيع يجتاح الأنظمة الانتخابية في العالم ويرتبط ارتباطا مباشراً بالشعب.

فالسياسة في جوهرها تدبير لشؤون الشعوب والبشرية وتطور ممارستها، وبالتالي فإن تطور النظم الانتخابية وتحديث الدوائر وتحديث النظام الانتخابي أصبحت الشغل الشاغل اليوم.

لماذا النظام الانتخابي؟ السبب بكل بساطة أن اختيار النظام الانتخابي واختباره يعدان من أهم السمات والآليات الخاصة بالمؤسسات التشريعية في الدول الديمقراطية، ورغم أهميته فإنه من النادر ما تصل الأنظمة إلى العدالة المنشودة.

والمقالة أخي القارئ جزء من مقالات أخرى قادمة سأتناول فيها إصلاح النظم الانتخابية ومفاهيمها من خلال تجربتي وحضوري منتديات الإصلاح الانتخابي.

عودة إلى النظام الانتخابي، فهو بكل بساطة يترجم ما يدور في صناديق الاقتراع إلى مقاعد يفوز بها المرشحون والتكتلات أو الأحزاب، والمتغيرات الأساسية هي النوع، أي نوع النظام الانتخابي أو الصيغة الانتخابية.

وبعد عام 1990 وظهور الديمقراطيات الجديدة ودخول العديد من دول شرق أوروبا وأميركا الجنوبية في مرحلة إعادة قراءة الدساتير، والحاجة إلى الحكومات التمثيلية، وانعكاس التجربة على حوض البحر المتوسط كجزء مما سُمي بالشرق الأوسط الكبير عام 2005، دعي العديد من الباحثين والمهتمين، وعقدت مؤتمرات تحت مظلة المنظمات الدولية كانت لي فرصة المشاركة في إسطنبول والرباط عامي 2005 و2006.

وبعد قراءة تجربة شرق أوروبا اتضح أن التغيير تم في فترات "الفراغ السياسي" لتلك الدول، حتى أصبحت المصلحة السياسية والعدالة أساسين في الاختيار، أما الخيارات الدستورية فقد تختلف بين الديمقراطيات الحديثة والراسخة القديمة، وتبقى الأهداف هي الاستقرار والارتقاء بالديمقراطية المرنة.

ولا يخفى على أحد أخي القارئ أنه مع ازدياد عدد النظم الانتخابية والسياسية تزداد الحاجة إلى تقييمها طبقا للتصنيفات المعروفة، وهي ثلاث: الأغلبية التعددية، والتمثيل شبه النسبي، والتمثيل النسبي.

وفي إطار تلك الأقسام تتم دراسة النظم المتعددة، فالأغلبية التعددية تعمل بنظام الفائز الأول وتصويت الكتلة والتصويت البديل ونظام الجولتين، والتمثيل شبه النسبي يعمل بالنظم المتوازية ونظام الصوت الواحد غير المتحول، ناهيك عن الاعتبارات البرلمانية الخاصة كتمثيل المرأة والأقليات، والتي من الصعب أن تتحقق دون تنظيم العمل السياسي.

وفي النهاية تبقى دول العالم النامي بحاجة إلى الإصلاح الانتخابي والتنموي معاً، ويبقى المحور الاقتصادي بحاجة إلى اهتمام ورعاية، وفي المقال القادم سأستكمل وأستعرض المعلومات الخاصة بالنظم الانتخابية بناء على طلب بعض المتابعين لعلها تأتي بالمنفعة للجميع.

كلمة أخيرة:

كلما صعدت مطالب عقلانية بالحفاظ على الدستور أفسدتها تصريحات نيابية بتحدي القانون ودفع الشباب إلى المبيت في الساحة، فهل سرق المثقفون الأضواء لينتقم النواب؟