الوزارة الشعبية
إن مسألة شعبية الوزارة تتطلب ظروفاً ومستلزمات سياسية واجتماعية وحتى إقليمية غير متوفرة الآن، ولسنا على استعداد لخوض تجارب غير مدروسة كالتي قمنا بها في مسألة الدوائر الانتخابية الخمس، واتضح تالياً أنها غير مرضية مع فارق التشبيه بين القضيتين، فالوطن ليس مختبر تجارب لسياسيين مبتدئين.
أول العمود:لايزال بعض ملاك الصحف يعتقدون أن الإسفاف الإعلامي وسيلة لكسب الإعلان والمشتركين معاً.***طرح نواب في جلسة الثلاثاء الماضي وبصورة مفاجئة، وأثناء مناقشة خطة التنمية مسألة شعبية الوزارة، أي أن يكون رئيسها من عامة الشعب، وإذا أحسنا النوايا فإن هذا "المشروع" كما يبدو جاء في سياق الملل من تعطل دوران التنمية في البلد، وهو ما عبر المجلس برأيه عنها برفض خطة الحكومة بهذا الشأن.ولنا حول ذلك الملاحظات التالية:أولاً: هل يعد ذلك قفزاً إلى وضع لم يستكمل حيثياته ومتطلباته كالأحزاب، والدائرة الانتخابية الواحدة، والهيئة المستقلة للانتخابات، وتحرير الاقتصاد من السيطرة الحكومية، وتقليل الاعتماد على النفط، وتطبيق القوانين؟ في رأيي، نعم هو قفز. ثانياً:ما الذي يمكن لرئيس وزراء شعبي أن يفعله في ظل كم الفساد الذي يلف وزارات الدولة، ولم تستطع المجالس النيابية والحكومات التي أدارت البلاد في العشرين سنة الماضية أن تأتي به؟ هل يستطيع الرئيس الشعبي أن يقف ضد المطالبات العبثية لزيادة الرواتب والكوادر مثلاً؟ هل لديه القوة لوقف الواسطة؟ثالثاً: على مدى خمسين عاماً من العمل بالدستور، لم يتم التوصل إلى توافق بين الحكم والشعب على شعبية وزارات السيادة كـ"الخارجية" و"الداخلية" و"الدفاع"، فكيف يمكن القفز إلى ما هو أكبر، وهو اختيار مواطن من خارج الأسرة الحاكمة لرئاسة مجلس الوزراء؟رابعاً: إن اختيار رئيس الوزراء حق أصيل ودستوري لقائد الدولة، بينما لمجلس الأمة الحق في محاسبته وتوقيفه إن أخطأ، فهل قامت مجالس الأمة بواجبها الكامل في هذا الشأن مع وجود رئيس وزراء من الأسرة منذ فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء؟خامساً: إن موضوع شعبية الوزارة والحديث عنه ليس من المحرمات، بل إن مآل الأمور وطبيعتها ستتجه في هذا الاتجاه، لكن هل استطعنا كشعب وحكم أن ننمي حواراً وتوافقاً على تغيير أسلوب عمره أكثر من خمسين عاماً؟سادساً: إن من يطالب بشعبية الوزارة الآن وبالطريقة المطروحة، ويقارنها بقبول الأسرة الحاكمة فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء يجانبه الصواب. فالفصل تم لأسباب وظروف صحية أحاطت بسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله يرحمه الله.سابعاً: إن مسألة شعبية الوزارة تتطلب ظروفاً ومستلزمات سياسية واجتماعية وحتى إقليمية غير متوافرة الآن، ولسنا على استعداد لخوض تجارب غير مدروسة كالتي قمنا بها في مسألة الدوائر الانتخابية الخمس، واتضح تالياً أنها غير مرضية مع فارق التشبيه بين القضيتين، فالوطن ليس مختبر تجارب لسياسيين مبتدئين.أخيراً وليس آخراً، إن حجم النضج السياسي في بلدنا بحاجة إلى تنمية، وليست العبرة برئيس من الأسرة أو من الشعب لأن الأساس هو التخطيط والقبول بمبدأ المحاسبة وتطبيق القانون على الجميع. فحينها لن يكون هناك فرق في من يدير دفة الحكومة.