نشرت مجلة "أريبيان بزنس" مؤخراً قائمة بالأغنياء العرب، حوت أسماء خمسين مليارديراً ممن يمتلكون ثروات تقدر بمليارات الدولارات -الله يزيدها ويبارك فيها ويقيهم شر الحسد- بعضهم من رجال الأسر الحاكمة وآخرون من تجار التجزئة ووكلاء بالعمولة ومستثمرين في الأوراق المالية وملاك العقار، وآخرون ممن لا يعرف أحد مصدر ثرواتهم الحقيقي، ومن أين نشأت بسبب غياب التشريعات الضريبية المتقنة وقوانين الشفافية وكشف الذمة المالية في العديد من الدول العربية، والملاحظ أنه لا يوجد بين المليارديرية العرب ثري نتيجة جهد صناعي أو اختراع يخدم البشرية كبيل غيتس (مايكروسوفت) أو لاري بيج وسيرجي بن (غوغل) أو حتى كملك صناعات الفولاذ في العالم الملياردير الهندي – البريطاني لاكشمي ميتال، بل إن ثروات أغنياء بني يعرب تأتي جلها من عمولات الوكالات والاستيراد والمناقصات والمضاربة في العقار والمواد الاستهلاكية الحيوية وإدارة "المولات" الكمالية.

Ad

رئيس تحرير مجلة "أريبيان بزنس"، حسن عبدالرحمن، قال: "إن هناك مئات الأثرياء العرب الآخرين الذين لم ترد أسماؤهم، وهناك أيضاً آخرون لا يريدون وضع أنفسهم ضمن نادي أصحاب المليارات، ويعارضون بشدة ذكر أي شيء يتعلق بهم، لأسباب واعتبارات خاصة، لها علاقة بالدرجة الأولى بثقافة البعض والعادات التي ورثوها"، والمهم في بحث المجلة المتخصصة ما ذكره عبدالرحمن من أن: "أثرياء العرب هم الأكثر تقصيراً بين أثرياء العالم ومشاهيرهم في مجال الأعمال الخيرية، ودعم ومساندة المجتمعات المدنية في بلدانهم، كما أنهم الأقل مساهمة في دعم التعليم والبحوث العلمية، هذه ملاحظة لا يمكن لنا فهم وشرح وتوضيح أسبابها، ونتركها للقراء الأعزاء ممن يقرأون يومياً كيف أن مشاهير العالم وأغنياءهم يقومون بإسهامات جدية في مجال التعليم ومكافحة الفقر وتمويل برامج تقوم بدعم الأنشطة البيئية في كل مكان"، انتهى كلام الزميل حسن عبدالرحمن.

تعليق رئيس المجلة التي نشرت قائمة أغنياء العرب نتيجة بحثهم المتخصص يستحق الاهتمام، إذ إن مليارديرات العرب، الذين يشكل المسلمون أكثر من 95 في المئة من قائمتهم، هم أقل المساهمين في الأعمال الخيرية والعطاء لمن حولهم حتى لمن يشاركهم في العمل وخدمة ثرواتهم أو المقربين منهم من بين أغنياء العالم، بخلاف ما يفعله المسيحي الأوروبي والأميركي، والبوذي الياباني والكوري، والهندوسي الهندي، بينما مليارديرات العرب المسلمين الذين يحملون عقيدة التوحيد الإسلامية والمطلعين على سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وزهد صحابته مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وبقية الصحابة الكرام كانوا المليارديرات الأقل كرماً وعطاءً!

هذه الممارسات لأغنيائنا العرب المسلمين تستحق أن تكون سؤالاً مهماً برسم الدعاة ورجال الصحوة، كما يطلقون على أنفسهم وبرامجهم الدينية، والدروس الإسلامية التي تملأ المساجد والمعسكرات الربيعية، وانتشار الحجاب، وتعاظم تبجيل صيام شهر رمضان، والساحات التي تطول فيها صفوف المصلين على مد النظر في العشر الأواخر. لماذا لم يغير كل هذا سلوكنا تجاه مجتمعاتنا لنكون مبدعين وخلاقين ونصنع مجتمعات قوية ومتعاضدة بدلاً من مظاهر التدين الطاغية بلا مردود، في حين  نجحت الكنيسة والمعبد في ذلك؟

بالتأكيد ديننا الإسلامي العظيم هو خاتم الأديان السماوية الكامل، ولكن الخلل فينا وفي ثقافاتنا وعاداتنا، وإلا ما الذي يجعل أغنياءنا الذين لا يدفعون ضرائب ورسوماً "محرزة" يكدسون هذه الأموال في بريطانيا وسويسرا أو أي دولة أخرى خارج أوطانهم وبعد وفاتهم تستولي السلطات هناك على ثلثيها كضريبة تركات، بينما يمتنع عن أن يتبرع بعشرها لدعم تعليم طالب أو معالجة مريض دون غرض سياسي أو مصلحي؟!