أقام ملتقى الثلاثاء امس الأول ندوة سردية تسلّط الضوء على الكاتبة العربية وصوتها القصصي الخاص، والتي تتمتع بدورها، بحساسية خاصة تختلف عن حساسية الكاتب الرجل ووجهة نظره، كما قدمت الأمسية تجارب إبداعية متميزة لثلاث كاتبات تباينت فيها المضامين، والأدوات اللغوية والسردية على حد سواء هن دلع المفتي، وأفراح الهندال، إيمان جانسير قدمتها الروائية السورية ابتسام تريسي.

Ad

استهلت الأمسية بقراءة أحد نصوص الكاتبة دلع المفتي والذي يحكي قصة رجل أعمى وفقير ينتظر المارة لمنحه بعض القروش ليقتات منها هو واطفاله بعنوان «خطى» والذي جاء فيه: من يعرف طريقه جيداً يستطيع أن يسلك طريقه بسهولة ويسر، كما لو كان يقرأه على ظهر كفه، حارة تؤدي إلى طريق، الطريق يؤدي إلى شارع، والشارع يؤدي إلى منعطف، حتى يصل إلى الزاوية التي اعتاد أن يسميها «المعكف» كلما لمعت براءة السؤال في عين أطفاله مدارين خجلهم، يضع كرسيه الصغير الذي يتعطف به حارس المرآب كل صباح شفقة عليه من قسوة الرصيف، يسند ظهره إلى برودة الحائط وينتظر وصول الأقدام.

تجدر الإشارة إلى ان المفتي حاصلة على بكالوريوس في التصميم عام 1982 من جامعة ولاية فلوريدا، لها دورات صحافية في كتابة المقال في جمعية الصحافيين الكويتية و»كونا»، عملت في مجال هندسة الديكور، لها عمود أسبوعي في جريدة القبس الكويتية، وهي عضو في جمعية الصحافيين الكويتية، لها كتب مطبوعة منها رواية «هن لسن أنت» عام 2004، ومجموعة قصصية أخرى ترجمت إلى الإنكليزية.

مأساة امرأة

قامت بعدها إيمان جانسير بقراءة نص بعنوان «ونحن نحب الحياة»: يحاكي مأساة امرأة سورية تعيش في الغربة تشغلها الأوضاع الراهنة في بلدها، يجرها حدسها للقلق من المجهول حتى يرن هاتف منزلها وتسمع خبر فقدها لأحد افراد عائلتها: ليست الغربة وحدها ولا جرح سورية الذي كان يوغل في جسدها فحسب ما جعل تلك الليلة شديدة الوطأة، بل انه حدس الأنثى الذي يتقن عمله كجرس إنذار، لا حبوب المسكنات التي اعتادتها منذ بدء مسلسل الموت في سورية ولا التنقل بين المحطات الإخبارية التي أصبحت عدّاداً لأرقام الحياة المنطفئة في بيوتها المتهدمة يستطيعان أن يخرسا قرع الأجراس، كانت تتقلب في فراشها كسمكة مسكينة خرجت لتوها من الماء، وكان التشاؤم يتلبس أشكالا عديدة، فتهز رأسها لتطرد تلك الأفكار، «لابد أنني سأموت لو أصاب عائلتي مكروه ما».

وتلا ذلك قراءة نص بعنوان «تكوين» للكاتبة الزميلة أفراح الهندال وهي موجهة النشاط الثقافي في الهيئة العامة للشباب والرياضة، ورئيسة القسم الثقافي في جريدة الكويتية سابقاً، لها نصوص أدبية منشورة في الصحف والإنترنت، ولها مجموعة قصصية تحت الطبع. وجاء في نصها:

الجدران تئن بالوحدة تتدلى ألسنة شقوقها أمام ضربات مطرقتك، تلفظ مسماراً يعلق الذكرى في شماعة الانتظار، تتأملينه بين اصبعيك... رأس فارغ ومسطح، طاعن بالوحشة... كهذا الجدار!، تقتربين من النافذة... يرتمي حلمك المصوب على إطار نافذة مقابلة لينعكس مموهاً بالمسافة، تحدقين بالمشهد الذي تراقبينه كل مساء، إطار معلق بثبات على المبنى الآخر، خلفيته جدار ينبض بظلين متعانقين، تعزف شمعة قريبة منهما مقطوعة حزينة، لصورة صبي معلقة في زاويتها شريطة سوداء! محاكاة المشهد كان دافعك لتكوين هذه اللوحة.