المزاج والأنوثة... لغز عميق

نشر في 15-09-2012 | 00:01
آخر تحديث 15-09-2012 | 00:01
No Image Caption
نعرف أن التغييرات الهورمونية لدى المرأة تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في مزاجها، وتعتبر الثقة بالنفس المكوّن الأساسي الذي يعزز الأنوثة عبر المظهر الخارجي أو المزاج. بحسب الخبراء، المزاج الجيد بإمكانه أن يجعلكِ أكثر مرحاً، أقل ضجراً، أكثر أنوثة وحتى أجمل. لكن المشكلة هي أن المزاج يتقلب لأنه يتأثر بعوامل عدة.

المزاج مصطلح صعب التحليل، سواء في الميزات التي يحملها أو في محاولة تعريفه وإثباته عبر العواطف التي تنتابنا. حاولت تيارات عدة في علم النفس تفسير هذا المصطلح مستخدمة المقاربة المعرفية أو نماذج من الهوس الاكتئابي.

ما هو المزاج الجيد؟ وما هي الصحة؟ وما الرابط بين هذين المصطلحين؟ انطلاقاً من هذه الأسئلة، يفسّر علماء النفس وعلماء الاجتماع مصطلح «سيكوسوماتي»، أو المصطلح النفسي، ويحاولون أن يظهروا كيفية عمل المزاج وكيف بإمكاننا التعرف إليه أكثر. استناداً إلى هذه المعطيات، نستطيع أن نتعرف بشكل أفضل إلى المعنويات ووظائف الفرح، وكيف يمكن ترجمة المزاج الجيد في خطوات عملية وواضحة، وكيف يمكن إثبات أن المزاج الجيد قد يرتبط بالصحة الجيدة. تبعاً لهذه المعطيات الفلسفية والنفسية، يتضّح أن المكوّنات الإيجابية للنفس قد تنعكس وتولّد مزاجاً جيداً.

في عام 1900، كتب العالم موبيس أن «النساء يقدمن أنفسهن خلال سياق الحياة ككائنات غير طبيعية... لكن من دون المعاناة من مرض فعلي. العادة الشهرية واحتباس الدم في الجسد قد يؤثرا على التوازن العقلي». خلال فترة طويلة، كنا نظن أن «شراً نسائياً مرتبطاً بطبيعة النساء بحد ذاتها، والتي قد تكون الهيستيريا إحدى تجلياتها الكاملة». وعلى رغم سوء الفهم الذي تواجه به هذه المسألة، النقاشات بين أطباء النفس متّقدة، وقد كانت على واجهة الاهتمام منذ بدايات القرن التاسع عشر. يبحث الخبراء عن الأسباب الرئيسة وراء هذه المسألة، فيزعم البعض أن العادة الشهرية لدى النساء أحد أبرز أسباب تقلباتهن المزاجية.

اليوم، ما زال العقل يعتبر المنظّم الأساسي للتفاعلات البيولوجية الجسدية، لكن ثمة في المقابل دوراً لا يقل أهمية للهرمونات الجنسية في تقرير الانفعالات العاطفية والتأثير عليها. في اختصار، لا تعاني النساء من الهيستيريا، أو بمعنى آخر، لسن أكثر هيستيرية من الرجال، بل يخضعن بكل بساطة إلى تغيرات هورمونية تؤثّر على تقلبات مزاجهن طوال العمر.

ماذا عن الاضطرابات؟

ثمة اضطرابات نفسية عدة للمزاج ينبغي عليك الاطلاع عليها، علماً أن الرجال يعانونها أيضاً، فالهورمونات لا تفسر كل شيء! إليكِ بعض التفاصيل.

الاكتئاب

المزاج السوي هو العامل الذي يحدد حالة الإنسان الطبيعية. وعلى العكس، المزاج المكتئب يعكس حالة عميقة من الحزن والمشاعر المتناقضة. لا يتأثر هذا المزاج بالعوامل الخارجية المحيطة بشخص ما، ولا يؤثر كثيراً على علاقة المرء بمحيطه، بل يشكل نوعاً من غمامة داخلية تجعل من يعانيها يشعر بأنه غير قادر على الإحساس بأي نوع من المشاعر. وقد يستمر هذا المزاج إلى حد يجعل الشخص المعني يفقد القدرة على الإحساس بأي متعة.

الفرح

يتمتّع هذا النوع من المزاج بشعور بالبهجة، وتقدير عالٍ للذات من دون ارتباط بالعوامل الخارجية، أو الوضع الذي يجد المرء نفسه فيه.

نحن هنا أمام حالتين من المزاج: الاكتئاب والفرح. في الأولى، ينطوي الأمر على بطء في المحرك النفسي، وفي الحالة الثانية على تحفّز نفسي كبير.

الاكتئاب الموسمي

هل يؤثر الطقس على مزاج الإنسان؟ هل يؤثر الوقت على سلوكنا؟ أثبتت دراسات عدة، قام بها أطباء في علم النفس وعلم الاجتماع، وجود علاقة بين المناخ الجوي وبين تأثيره على الدماغ. في الواقع، يمكن للشمس أن تحمل الفيتامين D عبر الأشعة البنفسجية. ولا غنى عن هذا النوع من الفيتامين الذي يسهّل عملية امتصاص الأمعاء للكالسيوم والفوسفور، خلال النمو. ويمكن للنقص فيه لدى الأطفال أن يؤدي إلى أمراض، كذلك الأمر لدى الكبار، كتزايد الالتهابات، الضعف في العضلات، وزيادة الشعور بالتعب. وتشير إحدى الدراسات إلى أن سكان البلدان الشمالية أكثر عرضة للحزن وأمراض الاكتئاب العصبية، إذ إن الشمس لا تتوافر هناك خلال الشتاء إلا لمدة ساعة أو اثنتين في النهار. بالتالي، يزداد عدد تقلّبات المزاج وحالات الانتحار، تحديداً في هذه الفترة من السنة.

الاضطراب العاطفي الموسمي، الذي يسمى كآبة الشتاء له تأثير سيئ على سكان المناطق الشمالية من الكرة الأرضية. في بداية هذا الفصل، في هذه المناطق تحديداً، تبدأ اضطرابات عدة بالظهور عند الناس. نقص التعرض إلى الضوء هو السبب الرئيس في هذه الاضطرابات. لذلك، تتأثر نفسيتنا بحسب هذه المؤشرات والتغيرات المناخية. يمكننا أن نفكر أن هذا مجرد أمر ثانوي، لكننا فعلاً عرضة للتأثر بالمناخ.

يتأثر بعض النساء أيضاً بتقلب المزاج قبل بلوغهن مرحلة انقطاع الطمث، أو انقطاع الدورة الشهرية. وقد يتعرضن لنوبات من الضحك الهيستيري والبكاء، وبأيام سعيدة تليها أيام بالغة الصعوبة. هذه التقلبات المزاجية متعلّقة بالهورمونات النسائية التي تتغيّر خلال هذه الفترة. وقد يصاب بعضهن بحالات التعرق الليلي، بالتالي لا بد لمزاجهن أن يتأثر بذلك.

النساء اللواتي يعانين تقلباً في المزاج قبل قدوم الدورة الشهرية في شبابهن أكثر عرضة لهذا الاضطراب حين اقتراب مرحلة اليأس. وتبدو اللواتي اجتزن حالات معينة من الاكتئاب المرضي في حياتهن أكثر قابلية لتكرار حالات الاكتئاب مع التقدم في العمر.

علاجات

سواء كان الاكتئاب قوياً أو خفيفاً، لا ينبغي على أحد أن يحمل معاناته بصمت ويجالد عليها، بل يجب على التأكيد طلب المساعدة.

لمعالجة هذه التقلبات المزاجية قبل فترة انقطاع الطمث، ينصح بعض الخبراء باللجوء إلى أدوية منع الحمل التي يمكن تناولها شرباً، وبجرعات خفيفة وفقاً لوصفة طبية. تساعد الأدوية التي تحمل هورنوت الاستروجين والبروجيستيرون على تعديل نسبة الهورمون في الجسم، بذلك تساعد على التحكم بالتقلبات المزاجية، فضلاً عن أنها تحمل منافع أخرى للصحة، كتنظيم البول وتخفيض مخاطر الإصابة بسرطان الرحم والمبيض.

لأجل حالات الاكتئاب المتوسطة يساعد بعض الأدوية المصنوعة من الأعشاب في التخلص منها، كذلك يمكن إدخال تعديلات مفيدة في نمط الحياة، كمحاولة تنظيم الأولويات الحياتية، واللجوء الى نشاطات تساهم في جعلك تشعرين بحال أفضل، كالذهاب الى السينما، أو ممارسة الرياضة، أو المشاركة في نشاطات دينية واجتماعية، الخ.

كذلك، من المهم أن تمنحي نفسك الوقت الضروري كي يتحسن مزاجك، وللشعور بحال أفضل بعد مرور فترة من الوقت. حاولي أثناءها ألا تتخذي القرارات المهمة في حياتك، وأجّليها إلى أن يمر الاكتئاب. هل رأيتن؟ يتضح أخيراً ان تقلبات المزاج لدى المرأة ليست لغزاً، على رغم أن بعض الرجال يعاني صعوبات كثيرة لفهمها!

back to top