تشبه قيادات بارزة في "قوى 14 آذار" المعادلة التي تطرحها "قوى 8 آذار" اليوم عن أن البديل عن الحكومة الحالية هو الفراغ، بتلك المعادلة التي أطلقت في عام 1988 عشية الانتخابات الرئاسية والتي تقول: "إما مخايل الضاهر وإما الفوضى".

Ad

يومها كان اتفاق أميركي – سوري على اسم مخايل الضاهر لتولي رئاسة الجمهورية في لبنان. ولما رفضت القيادات المسيحية المعارضة لسورية هذا الخيار – الاتفاق، أبلغت الدبلوماسية الاميركية المعترضين بأن عليهم أن يختاروا بين مخايل الضاهر والفوضى.

أما اليوم فإن "قوى 8 آذار" المتحالفة مع سورية وإيران فإنها تطلق معادلة أن البديل عن الحكومة الحالية هو الفراغ لاحتواء الهجمة التي تشنها "قوى 14 آذار" لإسقاط الحكومة، ولانتزاع غطاء سياسي محلي وعربي ودولي يسمح للحكومة الحالية التي يمسك "حزب الله" بمفاصل قراراتها بالبقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة، وإذا أمكن للإشراف على الانتخابات النيابية بما يعطي القوى التي تتشكل منها امتيازات خدماتية وسياسية وإدارية عدة تساعدها في المعركة الانتخابية المقبلة.

التقاء مصالح

وفي حين تتحدث "قوى 8 آذار" عن التقاء مصالح وتقاطع سياسات في الملف اللبناني بين الغرب وسورية وإيران على إبقاء الحكومة الحالية ولو من خلال منطلقات ولغايات مختلفة، فإن قوى 14 آذار تراهن على قدرتها على مواجهة المعادلة الجديدة انطلاقا من دعم سعودي من شأنه أن يشكل رأس جسر في العبور الى تغيير المواقف الغربية لاسيما منها الأميركية والأوروبية.

ويلفت المراقبون الى أن حلفاء سورية وإيران بدوا متنبهين لإمكان حصول تغيير في المواقف العربية والغربية نتيجة لقرار "قوى 14 آذار" بالمضي في المواجهة حتى النهاية، لاسيما أن الولايات المتحدة الاميركية ستخرج الاسبوع المقبل من معركة انتخاباتها الرئاسية وتستعيد وزنها السياسي على الساحة الدولية بعد شيء من البرودة على مدى الأشهر القليلة الماضية خوفا من أي "دعسة" ناقصة يمكن ان يتسبب بها اي قرار في السياسة الخارجية على حملة الرئيس باراك اوباما.

من هنا فإن الرئيس نبيه بري ومعه أصوات من "قوى 8 آذار" لم تستبعد فكرة قيام حكومة جديدة مشترطين لذلك حكومة اتحاد وطني تشترك فيها "قوى 14 آذار" بمعزل عن طريقة هذا الاشتراك، رافضين فكرة الحكومة الحيادية.

معركة إسقاط السلاح

وترى قيادات في "14 آذار" أن مقاربة "8 آذار" للتغيير الحكومي على قاعدة إشراك "قوى 14 آذار" في الحكومة المقبلة تمثل "شعار حق يراد به باطل"، لأن هدف حلفاء سورية وإيران في لبنان وفي مقدمهم "حزب الله" هو الالتفاف على معركة إسقاط السلاح التي أطلقتها "قوى 14 آذار" من خلال استدراج هذه القوى الى حكومة شراكة مع الحزب يستعاد خلالها البيان الوزاري بقاعدة "الجيش والشعب والمقاومة".

وتبدو "قوى 14 آذار" متنبهة لهذا الفخ، وهي تتمسك بحكومة حيادية على قاعدة اعتماد إعلان بعبدا بيانا وزاريا... حتى ان بعض القوى السياسية والحزبية تعمل على إقناع القيادات الفاعلة في "قوى 14" آذار بوجوب إحياء المطالبة بالقرار 1559 كجزء من وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته بالنسبة الى ملف سلاح حزب الله. فبعدما عجزت القوى السياسية اللبنانية على إيجاد حل لبناني داخلي لمسألة السلاح، ترى قيادات فاعلة في "قوى 14 آذار" ضرورة التوجه الى مجلس الأمن الدولي لوضعه في صورة الواقع اللبناني والطلب اليه اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار.

وتذكر قيادات بارزة في "قوى 14 آذار" بأن سيناريو مماثلا اعتمد في التوجه الى مجلس الأمن الدولي عندما عطلت "قوى 8 آذار" إقرار المحكمة الدولية في المؤسسات الدستورية اللبنانية وخصوصا في مجلس النواب فأنشئت المحكمة بقرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، وهو سيناريو يمكن أن يتكرر من خلال عريضة نيابية ترفع الى مجلس الأمن الدولي في حال تمكنت "قوى 14 آذار" من الفوز بالأكثرية في الانتخابات النيابية المقبلة.